ويريد بالسور المكية باتفاق ما عدا ذلك وهى اثنتان وثمانون سورة. وإلى هذا القسم المكى يشير في منظومته بقوله :
«وما سوى ذاك مكىّ تنزّله |
|
فلا تكن من خلاف الناس في حصر |
فليس كلّ خلاف جاء معتبرا |
|
إلا خلافـ له حظّ من النظر» |
وقد جرى هذا البيت مجرى الأمثال عند أهل العلم.
٦ ـ أنوع السور المكية والمدنية
قد تكون السورة كلها مكية ، وقد تكون كلها مدنية ، وقد تكون السورة مكية ما عدا آيات منها ، وقد تكون مدنية ما عدا آيات منها ، فتلك أربعة أنواع.
مثال النوع الأول سورة المدثر فإنها كلها مكية. ومثال الثانى سورة آل عمران فإنها كلها مدنية ، ومثال الثالث سورة الأعراف فإنها مكية ما عدا آية (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ) قاله قتادة. واستثنى غيره هذه الآية المذكورة وما بعدها من الآيات إلى قوله سبحانه : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ) وقال : إن تلك الآيات مدنية. ومثال النوع الرابع سورة الحج فإنها مدنية ما عدا أربع آيات منها ، تبتدئ بقوله سبحانه (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى) إلى قوله (عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ).
واعلم أن وصف السورة بأنها مكية أو مدنية ، يكون تبعا لما يغلب فيها ، أو تبعا لفاتحتها ، فقد ورد أنه إذا نزلت فاتحة سورة بمكة مثلا كتبت مكية ، ثم يزيد الله فيها ما يشاء. ولعل الأنسب بالاصطلاح المشهور في معنى المكى والمدنى أن يقال : إذا نزلت فاتحة سورة قبل الهجرة كتبت مكية ، وإذا نزلت فاتحة سورة بعد الهجرة كتبت مدنية ثم يذكر المستثنى من تلك السور إن كان هناك استثناء فيقال : سورة كذا مكية إلا آية كذا فإنها مدنية ، أو سورة كذا مدنية إلا آية كذا فإنها مكية أو نحو ذلك ، كما تراه في كثير من المصاحف عنوانا للسورة