القرآن يحضّ على
الانتفاع بالكون
أجل : إن القرآن حضّ على معرفة علوم
الكون وصنائع العالم ، وحثّ على الانتفاع بكل ما يقع تحت نظرنا في الوجود. قال
سبحانه وتعالى (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ)
وقال جلّت حكمته (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ
وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ).
فلا يليق بالمسلمين وهم المخاطبون بهذا أن يفرّوا من وجه هذه المنافع العامّة ،
ولا أن يزهدوا في علوم الكون ، ولا أن يحرموا أنفسهم فوائد التمتّع بثمرات هذه
القوى العظيمة التى أودعها الله لخلقه ، فى خزائن سماواته وأرضه. ولهذا نصّ
علماؤنا على أنّ تعلّم تلك العلوم الكونية ، وحذق هذه الصناعات الفنية ، فرض من
فروض الكفايات ، ما داموا في حاجة إليها لمصلحة الفرد أو المجموع وذلك لأن البقاء
في هذه الحياة للأصلح ، والحياة في هذا الوجود للسلام المسلّح ، والأسلحة في كل
عصر عامّة وفي هذا العصر خاصّة إنما تقوم على التمهّر في العلوم وعلى السبق فى
حلبة الصناعات والفنون. والويل فينا للضعيف ، والحظ كلّ الحظ للقوى ، والله تعالى
يقول : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ
مِنْ قُوَّةٍ)
: والنبى صلىاللهعليهوسلم
يقول فيما رواه مسلم عن أبى هريرة : «المؤمن القوىّ خير من المؤمن الضعيف ، وفي كل
خير. احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تعجز. وإن أصابك شىء فلا تقل : لو أنّى
فعلت كذا كان كذا وكذا. ولكن قل : قدّر الله ، وما شاء فعل. فإنّ لو تفتح عمل
الشيطان»
إعجاز علمىّ للقرآن
وأحبّ ألّا أنتهى من هذا الموضوع حتى
أنبهك إلى شىء آخر جذير بالنظر والتقدير : وهو أن القرآن الكريم في طريقة عرضه
للهداية والإعجاز على الخلق قد حاكم الناس إلى عقولهم ، وفتح عيونهم إلى الكون وما
في الكون من سماء وأرض ،