شبهة وجوابها
وإذا استشكل على تكرار النزول بأنه عبث ما دامت الآية قد نزلت قبل ذلك السبب الجديد ، وحفظها الرسول صلىاللهعليهوسلم واستظهرها الحفاظ من الصحابة ، ويمكن الرجوع إليها من غير حاجة إلى نزولها مرة أخرى.
(فالجواب) أن هناك حكمة عالية في هذا التكرار ، وهى تنبيه الله لعباده ، ولفت نظرهم إلى ما في طىّ تلك الآيات المكررة من الوصايا النافعة ، والفوائد الجمة ، التى هم في أشدّ الحاجة إليها. فخواتيم سورة النحل التى معنا مثلا ، نلاحظ أن الحكمة في تكرارها هى تنبيه الله لعباده أن يحرصوا على العمل بما احتوته من الإرشادات السامية في تحرّى العدالة ، وضبط النفس عند الغضب ، ومراقبة الخالق حتى في القصاص من الخلق ، والتدرّع بالصبر والثبات. والاعتماد على الله والثقة بتأييده ونصره ، لكل من اتقاه وأحسن في عمله ، جعلنا الله منهم أجمعين آمين.
أضف إلى هذه الحكمة ما ذكره الزركشى آنفا من أن تكرار النزول تعظيم لشأن المكرر ، وتذكير به خوف نسيانه.
٦ ـ تعدّد النازل والسبب واحد
قد يكون أمر واحد سببا لنزول آيتين أو آيات متعددة «على عكس ما سبق» ولا مانع من ذلك ، لأنه لا ينافى الحكمة في إقناع الناس ، وهداية الخلق ، وبيان الحق عند الحاجة ، بل إنه قد يكون أبلغ في الإقناع وأظهر في البيان.
مثال السبب الواحد تنزل فيه آيتان ، ما أخرجه ابن جرير الطبرىّ والطبرانىّ وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم جالسا في ظلّ شجرة فقال : «إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعينى شيطان ، فإذا جاء فلا تكلّموه. فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق العينين ، فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : علام