وبين السدّ الأيسر ، فيتكوّن من ذلك مصرفان ، مثل المصرف الأيمن ، لكلّ منهما ميزابان مدرّجان متقابلان ، تنزل فيهما العوارض وتنزع حسب الحاجة لصرف الماء إلى الجنّة اليسرى ، وينتهي العرم من حدّه الغربي بحائط منجليّ الشكل مبنيّ بحجارة منحوتة صلبة ، لعلّه الذي وصفه الهمداني : العضاد.
فكان السيل إذا جرى في وادي أذنة حتى تجاوز المضيق بين جبلي بلق ، صدّه العرم عن الجري فيتعالى ويتحوّل جانب منه نحو اليسار إلى السدّ الأيسر ، فإذا أرادوا ريّ الجنّة اليمنى رفعوا من العوارض بين الصدفين الأيمنين على قدر الحاجة. وإذا أرادوا ريّ الجنّة اليسرى صرفوا الماء من المصرفين بنفس الطريقة ، فيجري الماء في أقنية وأحواض في سفح الجبل الأيسر حتى يأتي مأرب ، لأنّها واقعة إلى اليسار من السدّ.
* * *
وأمّا من هو الذي بنى السدّ (سدّ مأرب العظيم) ... ومتى؟
فقد عثر المنقّبون في انقاض سدّ مأرب على نقوش كتابية بالحرف المسند (الخطّ الحميري) استدلّوا منها على بانيه. أهمّها نقشان ، أحدهما على الصدف الأيمن الملاصق للجنّة اليمنى ، تفسيره : «أنّ يثعمر بين بن سمه على ينوف مكرب سبأ ، خرق جبل بلق وبنى مصرف رحب لتسهيل الرّيّ». والآخر على الصدف الآخر ، تفسيره : «أنّ سمه على ينوف مكرب سبأ اخترق بلق وبنى رحب لتسهيل الرّيّ».
«سمه على» هذا هو والد «يثعمر» المذكور ، وكلّ منهما بنى صدفا أو حائطا ، وكلاهما من أهل القرن الثامن قبل الميلاد ... فهما مؤسّساه ، ولم يتمكّنا من إتمامه ، فأتمّه خلفاؤهما ، وبنى كلّ منهم جزءا ونقش اسمه عليه. فعلى المخروط أو الصدف في اليسار نقش قرءوا منه : «كرب إيل بين بن يثعمر مكرب سبأ بنى ...» ، وعلى جزء آخر من السدّ اسم «ذمر على ذرح ملك سبأ» ، وفي محلّ آخر اسم «يدع إيل وتار» ، وعلى السدّ الأيسر مما يلي الجنّة اليسرى عدّة نقوش بمثل هذا المعنى ... ممّا يدلّ على أنّ هذا السدّ لم يستأثر