من ذرّية نوح ولم يعقّب الآخرون.
لكن في رواية
أبي الجارود عن الإمام محمّد بن علي الباقر عليهالسلام في قوله تعالى : (وَجَعَلْنا
ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) قال : الباقون بالحقّ والنبوّة والكتاب والإيمان في
عقبه. قال : وليس كلّ من في الأرض من بني آدم ، من ولد نوح. واستشهد عليهالسلام بالآية من سورة هود : (ذُرِّيَّةَ مَنْ
حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ).
وهو تأويل وجيه
يدعمه قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا
نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ). وهذا هو معنى البقاء (وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ). يعني إبراهيم عليهالسلام وقال تعالى : (فَلَوْ لا كانَ مِنَ
الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي
الْأَرْضِ ...).
فالبقيّة
الباقية في مصطلح القرآن هم الذين ورثوا الكتاب والنبوّة والإيمان ، يأمرون
بالمعروف وينهون عن المنكر. هذا هو البقاء وفي غيره الفناء ، الأمر الذي تحقّق في
ذرّية نوح وإبراهيم عليهماالسلام.
قال الحسن
البصرى : هلك المتمتّعون في الدنيا ، لأنّ الجهل يغلب عليهم والغفلة ، فلا
يتفكّرون إلّا في الدنيا وعمارتها وملاذّها ...
قال الإمام
أمير المؤمنين عليه صلوات المصلّين : هلك خزّان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون
ما بقي الدهر.
نوح عليهالسلام بعد الهبوط
قال تعالى : (قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا
وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ
يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ).
دلّت الآية على
أنّ نوحا هبط بسلام وبركات. فقد أسّس أمّة وبنى حضارة من
__________________