أنوشيروان الملك الساساني (١) بعد (١٠٠٠ عام) من بناء سدّ كورش. أو سدّ «مأرب» الذي شيّد لتنظيم الريّ ووقاية المنطقة ـ وعاصمتها مدينة مأرب قاعدة المملكة السبئيّة (باليمن) ـ من أخطار الفيضانات الموسميّة ، وتهدّم بين (٥٧٠ ـ ٥٤٢ ق. م) على أثر السيل العرم (الهائج المدمّر) ونتيجة للإهمال بشأن ترميم ثلمها. (٢)
هذا هو سدّ كورش ذي القرنين ـ كما وصفه القرآن الكريم ـ يشهد على ذلك جميع الشعوب التي دخلت اوربا عن شمال جبال قوقاز وشاهدته بعد ما شيّد أو اجتازت مضيق داريال قبل تشييده. هذا هو السدّ ، في منطقة استراتيجيّة ذات أهمّية كبيرة ، جرّ عليها موقعها هذا صعابا كثيرة ، فطمعت فيها كلّ الدول المجاورة!
هكذا ، فكلّ من سيطر على الإقليم صارت كلّ المناطق شماله وجنوبه تحت رحمته ، لذلك فقد وصل الغزاة إلى المنطقة من فجر التاريخ. فغزاها الآشوريّون والكلدانيّون والمصريّون والقدماء والفارسيّون ، ثمّ اليونانيّون ... وخضعت لنفوذ بيزانطة في القرن الثالث الميلادي بعد أن انتشرت المسيحيّة في جنوبها في القرن الأوّل الميلادي. وكذلك استولت الصين على جنوب قوقاز في القرن الرابع الميلادي. وكانت دولتا الفرس والروم كفرسي رهان على امتلاك إرمينيا وقوقاز وآذربيجان طول التاريخ.
بناء جدار «دربند»
وفيما بين عامي (٥٣١ ـ ٥٧٩ م) حكم الفرس في عهد أنوشيروان هذه المنطقة ووجد الملك الفارسي أنّ السدّ (الذي بناه كورش قبل ١٠٠٠ عام) لم يعد يمنع المغيرين عن بلاد فارس ، خصوصا وأنّ النوعيّة قد تغيّرت ، فقد اضيف إليها العنصر الروماني
__________________
ـ المحروق) والطين والحجارة. يبلغ طوله (١٥٠٠ ميلا) ويمتدّ من البحر الأصفر حتّى سلاسل جبال «تاين داغ» ، لتحول دون القبائل الهمجيّة ـ التي كانت تسكن صحراوات منغوليا ـ الدائمة الإغارة على سهول الصين. ويشتمل السور على عدد من البوّابات الضخمة في مناطق متباعدة يقوم على حراستها جنود أشدّاء. مفاهيم جغرافيّة ، ص ١٢٨ ـ ١٢٩.
(١) بناه في منحدرات جبال قوقاز حتى شواطئ بحر قزوين حيث مدينة دربند في طول سبعة فراسخ ، سدّا لهجمات الرومان البيزنطيّين والأتراك حيث كانوا يتدفّقون على شمال فارس عبر الشريط الساحلي الذي بلغ اتّساعه ٣٠ ميلا بين بحر قزوين وجبال قوقاز. مفاهيم جغرافيّة ، ص ٣١٥ ؛ ولغت نامه دهخدا ، حرف الدال.
(٢) المنجد في الأعلام ، حرف الميم.