هي الشمس مسكنها في السماء |
|
فعزّ الفؤاد عزاء جميلا |
فلن تستطيع إليها الصعودا |
|
ولن تستطيع إليك النزولا |
فقد شبّهها بالشمس تشبيها صريحا من غير أن يطوي ذكر المشبّه به ، ومع ذلك فقد تناسى التشبيه ، وبنى على المشبّه ما هو من شأن المشبّه به. (١)
وقوله تعالى : (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا)(٢) أي خضتم في الكفر والعناد كالذي خاضوه. فالعائد محذوف. وهذا من تشبيه الخوض بالخوض ، لا الخائضين بالخائضين. وهو من حسن التشبيه حيث وقع بين الفعلين لا الفاعلين.
وقوله تعالى : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ). (٣) المراد به الجنس وهو عامّ في مفهومه يشمل الواحد والكثير ، وبما أنّ الآية ذات مصاديق كثيرة لوحظ المعنى ليعمّ الحكم من غبر ومن حضر ومن يأتي من بعد.
وقوله تعالى : (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ... أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ...). (٤) المراد به الجنس أيضا. وهو نوع من الالتفات اللطيف ، حيث يبدأ الكلام بمفرد ، لكنّ المتكلّم ـ حيث أراد الجنس لا الفرد الخاصّ ـ ينحو بكلامه إلى جانب العموم وإرادة الشمول.
وهنا بشأن هذه الآية حكاية ظريفة : زعمت بنو اميّة وبنو مروان أنّها نزلت بشأن عبد الرحمن بن أبي بكر. وحينما كتب معاوية إلى عامله بالمدينة مروان بن الحكم بأن يبايع الناس ليزيد قال عبد الرحمن : لقد جئتم بها هرقليّة ، تبايعون لأبنائكم! فقال مروان : أيّها الناس ، إنّ هذا هو الذي قال الله فيه (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ...) فسمعت عائشة ، فغضبت وقالت : والله ما هو به ، ولو شئت أن اسمّيه لسمّيته. ولكنّ الله لعن أباك وأنت في صلبه ، فأنت فضض من لعنة الله. (٥)
__________________
(١) المطوّل ، ص ٣٧٩.
(٢) التوبة ٩ : ٦٩.
(٣) الزمر ٣٩ : ٣٣.
(٤) الأحقاف ٤٦ : ١٧ و ١٨.
(٥) فضض : ما انفضّ من الشيء. قال الجوهري : وفي الحديث : أنت فضض من لعنة الله ، يعني : ما انفضّ من نطفة الرجل ـ