المستضعفين ، حتّى يتحقّق هذا الهدف المقدّس ويتمكّن الصالحون من الحكم على أرجاء العالم المعمور.
ولا شكّ أنّ دينا كان ذلك منهجه وهذا دأبه كانت المشاكل الاجتماعية التي تستعقبها هذا المنهج الحركي حليفته عبر الأيام ، فلا بدّ هناك من وضع برامج لمعالجتها علاجا حاسما دون تعقّد العراقيل.
ومن المشاكل هذه مشكلة الأيتام القصّر وأموالهم إلى جنب الأرامل الشابّات ، التي تخلّفها الحروب وهي تلتهم الشبّان من الرجال. فلا بدّ من قيمومة بشأن القصّر وعلاج مشكلة الأرامل دون تفشّي الفساد.
كان المسلمون بدورهم آنذاك موظّفين بكفالة الأيتام والقيام بشئونهم دون ضياعهم وضياع أموالهم. وربّما كان بعضهم يتحرّجون من ذلك خشية قصور أو تقصير بشأن اليتامى. وهكذا كانت مشكلة الأرامل حقيقة واقعة لا مهرب منها. سوى الترخيص في الزواج معهنّ من قبل رجال أكفاء ، وكان في ذلك رعاية لكلا الجانبين : عدم التحرّج في التصرّف في أموال اليتامى حسب مصالحهم وهم ربائب ، والحئول دون تفشّي الفساد والفحشاء ما دامت المرأة تجد نفسها في حماية رجل مؤمن كفي. والآية في وقتها نزلت بهذا الشأن.
(وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً. وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً). (١)
انظر إلى التناسب القريب بين قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) وقوله : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) أي الأرامل الشابّات ، وهذا التفريع بالفاء ممّا ينبؤك على هذا الترابط بين الأمرين بوضوح.
فلنفرض أنّ مؤسّسات خيرية قامت بشئون اليتامى ، ولكن ما هو العلاج الحاسم
__________________
(١) النساء ٤ : ٢ و ٣.