المسئوليات توزيعا عادلا ، ولا يكرهها على شيء ، بل يستميل خاطرها ويستميح
جانبها ، ويعاشرها برفق ومداراة ، فإنّها ريحانة وليست بقهرمانة. وإذا رأى منها
زلّة غضّ بصره عنها ، وإذا أحسّ الشقاق واللجاج أحسن المداراة معها ليستميح خاطرها
المرهف الرقيق. فلا يغلظ ولا يحتدّ معها ، فإنّهنّ عوان (خاضعات) لكم ، فاشفقوا
عليهنّ وطيّبوا قلوبهنّ ، حتّى يقفن معكم ، ولا تكرهوهنّ ولا تسخطوا بهنّ ـ كما
مرّ في الحديث النبوي ـ فداروهنّ على كلّ حال ، وأحسنوا لهنّ المقال ، لعلّهنّ
يحسنّ الفعال ـ كما مرّ في كلام الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام. فمن اتّخذ زوجة فليكرمها ، فإنّما هي لعبة ، فمن
اتّخذها فلا يضيّعها كما قال الإمام الصادق عليهالسلام.
وأمّا الضرب ،
فقد منع منه منعا باتّا ، إلّا إذا كان غير مبرّح ولا شائن ، والأولى أن يكون
تأديبا عن طريق التضييق عليها في الإنفاق ، لا الضرب باليد ولا بالعصا.
والأولى من ذلك
ترك الضرب البتة اقتداء بالنبيّ الأكرم والأئمة المعصومين عليهم صلوات المصلّين. (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ
اللهَ كَثِيراً).
ومن ترك هذه
الاسوة الحسنة لم يكن متّبعا لنبيّ الإسلام. (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ
تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ).
وخياركم خياركم
لنسائهم ، والنبيّ خير الناس لنسائه. ألا ومن ضرب امرأته أو لطمها فهو أحقّ بالضرب
واللطم ، ولم يكن من خيار الامّة ، ولعلّه من شرارهم ، والعياذ بالله.
ذلك أنّها إذا
فعلت أمرا فلعلّها من جانب غلبة العاطفة عليها ، وهي جيّاشة. أمّا الرجل فلما ذا
يسترسل قيادته لأحاسيس عابرة ، ولا يستسلم للعقل الرشيد ، فهو أولى بالضرب
والتأديب. وعلى أي حال فهو ليس من خيار الامّة ، ممّن تربّوا على منهج التربية
الإسلامية الرفيعة.
ونتيجة على ذلك
: كانت الآية بظاهرها المطلق منسوخة نسخا تمهيديّا ، كان
__________________