وربي ، قال : حتى وجده يوما على ذنب استعظمه ، فقال : أقصر ، فقال : خلني وربي أبعثت عليّ رقيبا؟ فقال : والله لا يغفر الله لك أبدا ، ولا يدخلك الجنة أبدا ، قال : فبعث الله إليهما ملكا فقبض أرواحهما فاجتمعا عنده ، فقال للمذنب : ادخل الجنة برحمتي ، وقال للآخر : أتستطيع أن تحظر على عبدي رحمتي؟ فقال : لا يا رب ، فقال اذهبوا به إلى النار» قال أبو هريرة : والذي نفسي بيده لقد تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته. قوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
[١٨٣٥] أخبرنا عبد الرحمن بن أبي بكر القفال أنا أبو مسعود محمد بن أحمد بن يونس الخطيب ثنا محمد بن يعقوب الأصم ثنا أبو قلابة ثنا أبو عاصم ثنا زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى (إِلَّا اللَّمَمَ) [النجم : ٣٢] قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
«إن تغفر اللهمّ تغفر جما |
|
وأي عبد لك لا ألمّا» |
(وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥))
قوله عزوجل : (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ) ، أقبلوا وارجعوا إليه بالطاعة ، (وَأَسْلِمُوا لَهُ) ، وأخلصوا له التوحيد ، (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ).
(وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) ، يعني القرآن ، والقرآن كله حسن ، ومعنى الآية ما قاله الحسن : التزموا طاعته واجتنبوا معصيته فإن في القرآن ذكر القبيح لتجتنبه وذكر الأدون لئلا يرغب فيه ، وذكر الأحسن لتؤثره. قال السدي : الأحسن ما أمر الله به في الكتاب ، (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ).
(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧))
(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ) ، يعني لئلا تقول نفس ، كقوله : (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) [لقمان : ١٠] يعني لئلا تميد بكم ، قال المبرد : أي بادروا واحذروا أن تقول نفس. وقال الزجاج : خوّف أن تصيروا إلى حال تقولون هذا القول ، (يا حَسْرَتى) يا ندامتا ، والتحسر الاغتمام على ما فات ، وأراد يا حسرتي على الإضافة ، لكن العرب تحول ياء الكناية ألفا في الاستغاثة ، فتقول : يا ويلتا (١) ويا ندامتا ،
__________________
[١٨٣٥] ـ صحيح. أبو قلابة ثقة ، وقد توبع ومن دونه ، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
ـ أبو قلابة هو عبد الملك بن محمد ، أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد.
ـ وهو في «شرح السنة» ٤٠٨٥ بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه الترمذي ٣٢٨٤ من طريق أبي عاصم عن زكريا به.
وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلّا من حديث زكريا بن إسحاق.
ـ وذكره الهيثمي في «المجمع» ٧ / ١١٥ وقال : رواه البزار ، ورجاله رجال الصحيح.
ـ وسيأتي في سورة النجم عند آية : ٣٢.
(١) في المطبوع «ويلتى» والمثبت عن المخطوط.