__________________
ـ وقال : لا يكون العارف عارفا حتى يكون كالأرض يطؤها البرّ والفاجر ، وكالسحاب يظلّ كل شيء ، وكالمطر يسقي ما يحبّ وما لا يحبّ.
وقال : ما أخذنا التصوف عن القال والقيل ، لكن عن الجوع ، وترك الدنيا ، وقطع المألوفات ، والمستحسنات ؛ لأن التصوف هو صفاء المعاملة مع الله ، وأصله العزوف عن الدنيا ، كما قال حارثة :
عزفت نفسي عن الدنيا ، فأسهرت ليلي ، وأظمأت نهاري.
وسئل عن التصوف؟ فقال : تصفية القلب عن موافقة البرية ، ومفارقة الأخلاق الطبيعية ، وإخماد الصفات البشرية ، ومجانبة الدواعي النفسانية ، ومنازلة الصفات الروحانية ، والتعلق بالعلوم الحقيقية ، واستعمال ما هو أولى عن الأبدية ، والنصح لجميع الأمة ، والوفاء لله على الحقيقة ، واتباع الرسول صلىاللهعليهوسلم في الشريعة.
وقال : التصوف حفظ الأوقات ، وهو ألا يطالع العبد غير حدّه ، ولا يوافق غير ربّه ، ولا يقارن غير وقته.
وسئل ما التصوف؟ قال : لحوق السر بالحق ، ولا ينال ذلك إلا بفناء النفس عن الأسباب ؛ لقوة الروح والقيام مع الحق.
وقال : الصوفية هم أهل بيت واحد ، لا يدخل فيهم غيرهم.
وقال : إذا رأيت الصوفيّ يعنى بظاهره فاعلم أن باطنه خراب.
وقال : لكل أمة صفوة ، وصفوة هذه الأمة الصوفية.
وقيل للجنيد مرة : ما بال أصحابك يأكلون كثيرا؟ فقال : لأنهم يجوعون كثيرا. قيل له : فما بالهم لا تهمهم قوة شهوة؟ فقال : لأنهم لم يذوقوا طعم الزنا ويأكلون الحلال. قيل له : فما بالهم إذا سمعوا القرآن لا يطربون؟ قال : وأي شيء في القرآن يطرب في الدنيا ، القرآن حقّ نزل من عند حقّ ، لا يليق بصفات الخلق ، كل حرف منه على الخلق واجب ، لا يخرجهم منه إلا الوفاء لله عزوجل ، فإذا سمعوه في الآخرة من قائله أطربهم. قيل له : فما بالهم يسمعون القصائد والأشعار والغناء فيطربون؟ فقال : لأنها مما عملت أيديهم ، ولأنه كلام المحبين. قيل له : فما بالهم محرومون من أموال الناس؟ فقال : لأن الله تعالى يرضى لهم ما في أيدي الناس ، لئلا يميلوا إلى الخلق ، فيقطعوا عن الحق تعالى ، فأفرد القصد منهم إليه ؛ اعتناء بهم.
وسئل قدّس الله سرّه عن الصوفية : من هم؟ فقال : أثرة الله في خلقه ، يخفيها إذا أحب ، ويظهرها إذا أحب.