وقال خطابا لموسى عليهالسلام : «هل واليت لي وليا ، وهل عاديت لي عدوّا؟» (١) ، فقد أشار الحق تعالى إلى أن موالاة الوليّ موالاة له ، كما أن معاداته معادة له ، والله تعالى غيور ، ذو البطش الشديد للأعداء.
وقد قال خطابا للخليل عليهالسلام : «خف مني يا إبراهيم ؛ كما تخاف من السبع الضاري» (٢) ، فقد استبان منه إنه لا يفلح المنكر الطاعن أبدا ، فإنه قابل للرحمة بالغضب.
وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «اشتدّ غضب الله على من قتل نبيا ، أو قتله نبي» (٣).
والطعن في حكم القتل ؛ لأن عرض المؤمن كدّمه ، ولا شك عند أهل الله في كفر المنكرين ؛ لأنهم استحلّوا الطعن في أولياء ، وحملوا ما صدر منهم من الحقائق على الخيالات النفسانية ؛ فكانوا كقريش في جعل القرآن من قبيل الأساطير ، والسّحر ونحو ذلك ، وأيضا جعلوا طاعتهم المتنوعة من قبيل المعاصي ، ولا شك أن اعتقاد الطاعة معصية كفر كالعكس.
وقد قال المولى : لا يكفر ، وكيف يكفر أهل التأويلات الصحيحة ، وقد جعلهم العلماء من أهل الدين الصحيح؟ كما ينطق به علم الكلام ، فإن تأويلاتهم تأييدات للعبارات ، وموافقات لها في الحقيقة ، وإلا فكل حقيقة ردّتها الشريعة ؛ فهي ردّ ؛ ولكن الحقيقة المردودة والمقبولة أي شيء هي لا يعرفها إلا الأكابر من العلماء.
وقد كان من أحوال أهل الرسوم في هذه الأعصار : أن من لم يعرف منهم الأحكام والشرائع ؛ يطعن في المعارف والحقائق ، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ، ولا يذلّ إلا من عادى الله ورسوله ، والورثة من أمته (٤).
__________________
(١) رواه الحكيم الترمذي في النوادر (٤ / ٨٤) ، وأبو نعيم في الحلية (١٠ / ٣١٧).
(٢) رواه أبو نعيم في الحلية (٨ / ٣٣) ، والبيهقي في الزهد الكبير (٢ / ١٠٦) بنحوه.
(٣) رواه البيهقي في الشعب (٦ / ١٩٧) ، والديلمي في الفردوس (١ / ٢١٧) بنحوه.
(٤) بيان في ضرر معاداتهم والوقيعة فيهم والإنكار عليهم ، وعلاج ذلك : قال ربنا سبحانه وتعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) [الأحزاب : ٥٨].
قال مجاهد : يقعون فيهم ، ويرمونهم بغير جرم ، (فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً).