بين المؤمنين ، وإن كانوا متباينين في الطبقات حالا ، ومقاما فاعرف (١).
__________________
(١) فوائد : قال الشيخ الأكبر قدسسره : (الشّيخ من أخذك ، وكشف عنك) أيّ : شيخك المرشد لك هو الذي أخذك عن نفسك ، وإرادتك ، وأخرجك من سجن الهوى ، ودخل بك على المولى ، وكشف عنك الغطاء ، وقال لك : ها أنت والمولى ، وهذا هو الذي استنار بنور الحق سماء روحه وأرض نفسه ، فطهر روحه بالرؤية والمشاهدة ، وزكّى نفسه بالخدمة والطاعة ، فصار مجلى للذات ومظهرا للأسماء والصفات خصوصا ، والحق تعالى متجلي وظاهر في الأشياء عموما ، نور قلبه من نور الله ، وهو وارث علم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال صلىاللهعليهوسلم :
«العلماء ورثة الأنبياء» أي : العلماء بالله ؛ لأنهم بالإرث أقرب للزوم الخشية لعلمهم ، والعلم الذي لا خشية معه ليس صاحبه أهلا لأن يكون وارثا لانتقال العلم المورث إليه على غير الصفة التي كان عليها عند المورث ، وحقيقة الإرث انتقال المورث إلى الوارث على الصفة التي كان عليها عند المورث ، ولا يستلزم الخشية إلا العلم بالله ، فالعلماء بالله هم الوارثون حقا ، والبواقي تبعا.
ثمّ قال قدسسره توضيحا لفهم السالك ، وتقريعا لسامعه السامعين : (الشيخ من حمل عنك المشقّات ، وأشهدك منازل القربات) أي : الشيخ الحقيقي الذي له تلقين الذكر للمريد هو الذي يحمل عنك جميع المشتقات ، ولهذا شرط بعضهم أن يكون الشيخ قادرا على أن يخلع على المريد حال التلقين أي : حين أن يقول له قل : لا إله إلا الله جميع العلوم الشريعة المطهرة بحيث لا يجهل شيئا من أحكامها ، ولا يحتاج إلى سؤال العلماء ، ومطالعة الكتب ، كما وقع لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لمّا لقنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وللحسن البصري رضي الله عنه لمّا لقنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وكان عمره حقا على ما صححه جلال السيوطي رحمهالله وغيره عشر سنين ذكره الشيخ علي الخوّاص للشيخ عبد الوهاب الشعراني قدسسرهما العزيز في بعض سؤلاته عنه ، فلا يجوز التلقين لمشايخ هذا الزمان إلا بقصد التبرك حتى يدخل المريد في سلسلة سند القوم ، ويدخل به في محبتهم فيكون مسلما لمقالاتهم ، أو معتقدا لها أي : يقطع بصدقهم فيها ، وما عدا هذين المقامين فحرمان لكلّ أحد مريدا كان أو لا على ما قاله الشيخ الأكبر في الباب الثاني من الفتوحات رضي الله عنه : «وأيضا الشيخ المسلك الكامل المكمّل أن يقدر على أن يشهدك جميع منازل القربات فيدور بك في معاطف الطريق يمينا وشمالا ، كما هو عليه جميع السادات الصوفية إلا بعضهم مثل الشيخ أبي مدين المغربي رضي الله عنه ، فإنه كان يقصد اختصار طريق الوصول للمريد ، وينقل إلى محل الفتح من غير المرور به على الملكوت خوفا على استئناسه بعجائب ، وهذا أولى لاختصاره وعدم علم المريد بالعوالم لا يضره ؛