فإن كان متى عمل بأحد الخبرين أمكن العمل بالآخر على بعض الوجوه وضرب من التأويل ، كان العمل به أولى من العمل بالآخر الذي يحتاج مع العمل به إلى طرح الخبر الآخر ؛ لأنّه يكون العامل به عاملا بالخبرين معا.
وإن كان الخبران يمكن العمل بكلّ منهما وحمل الآخر على بعض الوجوه من التأويل ، وكان لأحد التأويلين خبر يعضده أو يشهد به على بعض الوجوه ـ صريحا أو تلويحا ، لفظا أو دليلا ـ وكان الآخر عاريا عن ذلك ، كان العمل به أولى من العمل بما لا يشهد له شيء من الأخبار. وإذا لم يشهد لأحد التأويلين خبر آخر وكانا متحاذيين ، كان العامل مخيّرا في العمل بأيّهما شاء (٢٠) ، انتهى موضع الحاجة.
وقال في العدّة : وأمّا الأخبار إذا تعارضت وتقابلت ، فإنّه يحتاج في العمل ببعضها إلى ترجيح ، والترجيح يكون بأشياء ، منها : أن يكون أحد الخبرين موافقا للكتاب أو السنّة المقطوع بها والآخر مخالفا لهما ؛ فإنّه يجب العمل بما وافقهما وترك العمل بما خالفهما ، وكذلك إن وافق أحدهما إجماع الفرقة المحقّة والآخر يخالفه وجب العمل بما يوافقه وترك ما يخالفهم.
فإن لم يكن مع أحد الخبرين شيء من ذلك وكانت فتيا الطائفة مختلفة نظر في حال رواتهما : فإن كان إحدى الروايتين راويها عدلا (٢٨٨٣) وجب العمل بها وترك العمل بما لم يروه العدل ، وسنبيّن القول في العدالة المرعيّة في هذا الباب. فإن كان رواتهما جميعا عدلين نظر في أكثرهما رواة وعمل به وترك العمل بقليل الرواة. فإن كان رواتهما متساويين في العدد والعدالة عمل بأبعدهما من قول العامّة وترك العمل بما يوافقهم. وإن كان الخبران موافقين للعامّة أو مخالفين لهم نظر في حالهما : فإن كان متى عمل بأحد الخبرين أمكن العمل بالآخر على وجه من الوجوه وضرب
______________________________________________________
٢٨٨٣. الأولى أن يقال : أعدل كما هو مقتضى أخبار الترجيح ، لأنّ الترجيح فرع استجماع الخبرين لشرائط الحجّية ، والعدالة شرط في العمل بهما عند الشيخ بالمعنى المعتبر في هذا الباب. ولعلّ في حمل المصدر إشارة إلى أعدليّة رواة أحدهما ، حيث إنّ حمله يفيد مبالغة.