تساوي الراويين في الصفات المذكورة وغيرها ، حتّى قال : " لا يفضل أحدهما على صاحبه" ، يعني : بمزيّة من المزايا أصلا ، فلولا فهمه أنّ كلّ واحد من هذه الصفات وما يشبهها مزيّة مستقلّة ، لم يكن وقع للسؤال عن صورة عدم المزيّة فيهما رأسا ، بل ناسبه السؤال عن حكم عدم اجتماع الصفات ، فافهم.
ومنها : تعليله عليهالسلام الأخذ بالمشهور بقوله : " فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه". توضيح ذلك : أنّ معنى كون الرواية مشهورة كونها معروفة عند الكلّ (٢٨٧٤) ، كما يدلّ عليه فرض السائل كليهما مشهورين ، والمراد بالشاذّ ما لا يعرفه إلّا القليل ، ولا ريب أنّ المشهور بهذا المعنى ليس قطعيّ المتن والدلالة من جميع الجهات (٢٨٧٥) حتّى يصير ممّا لا ريب فيه ، وإلّا لم يمكن فرضهما مشهورين ، ولا الرجوع إلى صفات الراوي قبل ملاحظة الشهرة ، ولا الحكم بالرجوع مع شهرتهما
______________________________________________________
بترك السؤال عن صورة وجود بعضها. وإن وجدت في كلّ واحد منهما ما وجدت في الآخر ، بأن كان راوي كلّ من الخبرين أصدق وأوثق فهو داخل في صورة التساوي التي وقع السؤال عنها. وإن وجدت في كلّ واحد منهما صفة مغايرة للصفة الموجودة في الآخر ، بأن كان راوي أحدهما أوثق والآخر أعدل ، فقد ظهر حكمه من الترتيب المذكور في الرواية ، فيقدّم ما هو المتقدّم ذكرا فيها.
قلت : إنّ استفادة حكم صورة الاختلاف من الترتيب إنّما تتمّ لو اتّفقت المقبولة والمرفوعة ـ بل وغيرهما من الروايات ـ في الترتيب ، وليس كذلك ، بل اختلافها يكشف عن سقوط حكم الترتيب ، وحينئذ فالمختلفان إن أفاد أحدهما ظنّا أقوى من الآخر يقدّم عليه ، وإلّا فيدخلان في صورة التساوي.
فإن قلت : إنّ غاية الأمر أن يفهم السائل ما ذكرت ، وفهمه ليس بحجّة لنا.
قلت : تثبت حجّيته بتقرير الإمام عليهالسلام وعدم إنكاره عليه. وقد تقدّم في المقام الثاني عند شرح ما يتعلّق بالمقبولة ما ينفعك هنا ، فراجع.
٢٨٧٤. لا معمولا بها عندهم.
٢٨٧٥. في بعض النسخ : ليس قطعيّا من جميع الجهات ، ومؤدّاهما واحد.