ومن هنا ، يتّجه الحكم (٢٨١٧)
______________________________________________________
٢٨١٧. إذ بعد تساقط الطريقين لا يعقل الحكم بالتخيير بينهما ، لأنّه فرع اعتبارهما في نفسهما ، وانحصار المانع من العمل بهما معا في تمانعهما وتزاحمهما كما يظهر ممّا تقدّم ، فلا يصحّ التمسّك حينئذ بإطلاق أدلّة اعتبارهما في إثبات التخيير كما كان على القول بالسببية. فالعمدة في المقام معرفة كون اعتبار أخبار الآحاد عند العلماء رضوان الله عليهم من باب السببيّة أو الطريقيّة.
ويشهد بالأوّل وجوه :
أحدها : ذهاب الأكثر أو المشهور إلى الإجزاء في الأوامر الظاهريّة ، إذ لو كان اعتبارها من باب المرآتيّة المحضة لا يعقل الحكم بالإجزاء مع انكشاف خلافها ، فلا بدّ أن يكون الوجه فيه قولهم باعتبارها من باب السببيّة ، بمعنى تضمّنها مصلحة اخرى سوى مصلحة الطريقيّة يتدارك بها مصلحة الواقع على تقدير تخلّفها عنها ، كما حقّقناه في مبحث الإجزاء.
وثانيها : أنّ ظاهر القائلين بالظنون الخاصّة ـ كما هو ظاهر الفقهاء اعتبارها مطلقا حتّى مع التمكّن من العلم ، كما هو المصرّح به في كلمات بعضهم ، فلو لم يكن اعتبار الأخبار لأجل تضمّنها لمصلحة اخرى سوى مصلحة الطريقيّة ، قبح من الشارع الرخصة في العمل بها مع التمكّن من الوصول إلى الواقع على سبيل العلم ، لاستلزامه تفويت مصلحة الواقع على المكلّف على تقدير تخلّف الدليل الظنّي عنه ، وهو قبيح على الشارع الحكيم.
وثالثها : التمسّك بإطلاق أدلّة اعتبارها لإثبات اعتبار المتعارضين منها من حيث هو ، إذ لا يتمّ ذلك إلّا على القول بالسببيّة كما أشار إليه المصنّف رحمهالله ولكن لا يحضرني في كلماتهم الآن من تمسّك بالإطلاقات هنا ، فليلاحظ.
ويشهد بالثاني أيضا وجهان : أحدهما : التعليل في آية النبأ ، ووجه الدلالة واضح. وثانيهما : أخبار الترجيح وعلاج المتعارضين ، لأنّ الترجيح بالأعدليّة و