وبيان ضعفها بحسب ما أدّى إليه فهمي القاصر. الثاني : أنّها مع عدم قطعيّة صدورها معتبرة بالخصوص أم لا؟ فالمحكيّ عن السيّد (٣) والقاضي (٣٩٠) وابن زهرة والطبرسي وابن إدريس قدس سرّهم : المنع ، وربّما نسب إلى المفيد قدس سرّه حيث حكى عنه في
______________________________________________________
قلت : إنّ علمه إمّا بالأسباب العادّية ، فقد لا تتّفق له تلك الأسباب. وإمّا بعلم الإمامة ، فلا يجب عليه العمل به ، ولذا كانوا يقضون بين الناس بالأسباب الظاهريّة ، وقال عليهالسلام : «نحن نحكم بالظاهر ، والله وليّ السرائر». نعم ، يجب عليه الرضا بما فهمه على حسب استعداده ، وهو غير ما نحن فيه.
وثانيا : أنّ ما ذكر على تقدير تسليمه إنّما يتمّ بالنسبة إلى المشافهة دون الغائبين والمعدومين ، إذ القرائن قد تنطمس بامتداد الزمان وتمادي أيدي الظلّام ، ودفع احتمال وجودها حين صدور الخطاب بالأصل يجعل الدلالة تعبّدية وهو واضح.
ثمّ إنّ جميع ما قدّمناه إنّما هو على تقدير كون مرادهم بالعلم هو الاعتقاد الجزمي المطابق للواقع ، بل وكذلك إن أرادوا به مطلق الاعتقاد الجزمي. وإن أرادوا به العلم العرفي ، أعني : الوثوق وركون النفس بحيث لا يعتنى باحتمال خلافه عند العقلاء ويطلق عليه العلم عرفا ـ كما ربّما يومئ إليه قول الأمين الأسترآبادي : «المعتبر من اليقين في البابين ما يشمل العادي ، فلا يتعيّن تحصيل ما هو أقوى منه من أفراد اليقين ، وباب اليقين العادّي باب واسع يشهد بذلك اليقظان النفس» انتهى ـ فهو غير بعيد بالنسبة إلى أخبار الكتب الأربعة. ولو لا خوف الإطالة لذيّلنا الكلام في ذلك وفي سائر المراتب المتقدّمة ، لأنّا تركنا كثيرا ممّا ناسبه المقام لذلك ، ولعلّ فيما قدّمناه كفاية لمن طلب الهداية ، والحمد لله أوّلا وآخرا وظاهرا وباطنا.
٣٩٠. اعلم أنّ الفرق بين مذهب السيّد والأخباريّين ـ مع عدم عمل كلّ منهما بأخبار الآحاد ـ أنّ معظم الأخباريّين يدّعون القطع بصدور جميع الأخبار المودعة في الكتب المعروفة ، والسيّد يدّعي كون أكثر الأحكام معلومة بالضرورة