يفعل ؛ لأن الاتّباع الآتي ، وكذا الإطاعة ؛ إنما هو.
وقال : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) [النساء : ٨٠].
ولمّا لم تكن هذه المعرفة حاصلة لبني إسرائيل ؛ فرّقوا بين مظهر ومظهر ، فقالوا : (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) [طه : ٩١]. ولم يعرفوا أن ما سيقوله لهم موسى هو عين ما قال لهم هارون من قبل.
ومنه يعلم أن الأولياء من حيث أنهم ورثة الأنبياء على هدى من الأمر ، فإرشادهم عين إرشاد الأنبياء ، فمن أطاعهم ؛ فقد أطاع الأنبياء ، ومن عصاهم ؛ فقد عصى الأنبياء ، دلّ عليه أن الله أخبر بكفر من قال : (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) [النساء : ١٥١].
واعلم بإيمان من قال : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) [البقرة : ٢٨٦].
فإن الرسول قد يكون رسولا عرفيّا ، وقد يكون رسولا لغويا ، وإن كان لا يجوز إطلاق الرسول مطلقا على من لم يكن رسولا عرفيا إلا بالإشارة الضمنية المفهومة من الآية ، فإنه إطلاق بالتبعية ، وبطريق التغليب لا بالأصالة وبطريق الحقيقة ، ومن لم يمش على المراتب ؛ عثر وزّل ؛ فضلّ وأضلّ ، ومن الله الهداية لمعرفة المقامات والأطوار ، ولحسن الأدب في العبادة مما يتعلّق بحقائق القرآن.
وقوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ) [طه : ٩٠].
أي : لا العجل ، فإن صرفتم عن عبادته ؛ يرحمكم بالقبول ، وأثره الاتّباع كما قال : (فَاتَّبِعُونِي) [طه : ٩٠] ، اتّباع شريعة بإصلاح ظواهركم ، واتّباع حقيقته بإصلاح بواطنكم.
فإن الدعوة لا تنحصر في الشريعة سواء كانت من بني آدم ، أو من ولي ؛ بل تعمّ الحقيقة وبل الشريعة إنما هي للوصول إلى الحقيقة فلا بد من محافظة الوسيلة ؛ ليتم الوصول إلى المقصود.
قال تعالى : (وَأَطِيعُوا أَمْرِي) [طه : ٩٠] في النهي.
عن عبادة العجل المذكور ، فإنه أمر الله ظهر في صورة أمري ، فإن الله لا يأمر بالفحشاء ، وكذا المبعوث من قبله.