الأفعال ، والصفات ، والذات ، وأجيب في كل ذلك ؛ فجاء من أمته رجال أكامل لا يقرأ بالألسنة كمالاتهم ، ولا يحرّر بالأقلام مقاماتهم رضي الله عنهم ، وألحقنا وإياكم بأولئك الآباء الكرام ، والأجداد العظام.
وفي قوله : (هو) مع عدم مرور ذكره تعالى في هذه الآية ؛ إشارة إلى تعيّنه ، وحضوره في الأذهان الحاضرة ، وإن غاب عن الأذهان الغافلة ، ومن مقام التعيّن والحضور ؛ كان ذكر الصوفية بهو هو ، ففيه عمل بهذه الآية ونحوها ، وطعنهم في ذلك طعن بلا فائدة ، فإنه يشعر بالاحتجاب عن الحق الحاضر ، والغفلة عنه في الباطن والظاهر.
والفرق بين ذكر : لا إله إلا هو ، ولا إله إلا الله أن الأول يدلّ على مقام الغيب والتنزيه ؛ وهو حال أهل الفناء.
والثاني يدلّ على مقام الشهادة والتشبيه من حيث اشتماله بالنفي على عالم اللا تعيّن ، وبالإثبات على عالم التعيّن ، ولذا كان أفضل الأذكار على ما ورد في الحديث ؛ وهو حال أهل البقاء ، وعلّق العلم بالألوهية المخبر بها عن الهويّة لما إن مرتبة الهويّة الألوهية ؛ هي متعلّق العلم ومبلغه ، إذ لا إسم ، ولا رسم ، ولا وصف ، ولا نعت ، ولا حكم فوقها ؛ فهي خارجة عن المدارك ؛ ولذا أمرنا بذكر الله ، وذكر آلائه ، ونهينا عن البحث عن ذاته ؛ إذ هي من حيث تجرّدها عن النسب ، والإضافات لا تدرك أصلا.
وقولهم : التوحيد إسقاط الإضافات ؛ إشارة إلى الرجوع إلى الأصل الذي هو
__________________
ـ الذي أرسلك بالحق أن يقبض روحي قبل أن أعصيه ، فوضعت خدّها على حائط القبر ، وخرجت روحها.
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما رأيت امرأة من العجم أعقل منها ، وصلّى عليها.
ثم قال : طوبى لمن مات ، وأحشاؤه من المعاصي مستريحات.
هكذا تطيب مجالس القلوب بحبيبها ، وتحيى الأماكن الميتة منها بذكر طيبها.
صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم أفضل التسليم ، صلاة تقربنا منه ، وننال بها من الله التعظيم.