__________________
ـ وكان يقول : تنزل الرحمة على الفقراء في ثلاثة مواطن : عند السماع ؛ فإنهم لا يسمعون إلّا عن حقّ ، ولا يقولون إلا عن وجد ، وعند أكل الطعام فإنهم لا يأكلون إلا عن فاقة ، وعند مجازاة العلم فإنهم لا يذكرون إلا أحوال الأولياء.
وكان يقول : دخلت يوما على السري فوجدت عنده رجلا مغشيا عليه ، فقلت له : ما له؟ فقال : سمع آية من كتاب الله ، فقلت : تقرأ عليه الآية مرة أخرى ، فقرأت ، فأفاق الرجل فقال السري : من أين علمت هذا؟ قلت له : إن قميص يوسف ذهب بسببه عينا يعقوب ، ثم عاد بصره به ، فاستحسن ذلك مني.
وكان يقول : ما رأيت أحد أعظم الدنيا فقرّت عينه فيها أبدا ، إنما تقر عين من حقرها وأعرض عنها.
وكان يقول : من فتح على نفسه نية حسنة فتح الله عليه سبعين بابا من التوفيق ، ومن فتح على نفسه نية سيئة فتح الله عليه سبعين بابا من الخذلان من حيث لا يشعر.
وكان يقول : ما احتشم صاحب من صاحبه أن يسأله حاجة إلا لنقص في أحدهما.
وكان يقول : إن للعلم ثمنا فلا تعطوه حتى تأخذوا ثمنه ، قيل له : وما ثمنه؟ قال : وضعه عند من يحسن حمله ولا يضيعه ، وقيل له : ما بال أصحابك يأكلون كثيرا؟! فقال : لأنهم يجوعون كثيرا ، قيل له : فما لهم لا تهمهم قوة شهوة؟! فقال : لأنهم لم يذوقوا طعم الزّنا ، ويأكلون الحلال ، قيل له : فما بالهم إذا سمعوا القرآن لا يطربون؟! قال : وأي شيء في القرآن يطرب في الدنيا ، القرآن حقّ نزل من عند حق ، لا يليق بصفات الخلق عند كل حرف منه واجب ، لا يخرجهم منه إلا الوفاء لله عزوجل به ، فإذا سمعن في الآخرة أطربهم ، قيل له : فما بالهم يسمعون القصائد والأشعار والأنغام والغناء فيطربون؟! فقال : لأنها مما عملت أيديهم ، ولأنه كلام المحبين ، قيل له : فما بالهم محرومون من أموال الناس؟ فقال : لأنه تعالى لا يرى لهم ما في أيدي الناس ؛ لئلا يميلوا إلى الخلق فيقطعوا ، فأفرد القصد منهم إليه اعتنائه بهم.
وسئل : من العارف؟ فأجاب : من نطق عن سرك وأنت ساكت.
وكان يقول : ما أخذنا التصوف عن القال والقيل لكن عن الجوع وترك الدنيا وقطع المألوفات والمستحسنات.
وكان يقول : إن أمكنك ألّا تكون آلة بيتك إلّا من الخزف فافعل ، فكذلك كانت آلة بيته.
وكان يقول : الطرق كلها مسدودة على الخلق إلّا على من اقتفى أثر الرسول صلىاللهعليهوسلم ، واتّبع سنته ، ولزم طريقته ، فإن طرق الخير كلها مفتوحة عليه.
وكان يقول : لو أقبل صادق على الله ألف ألف سنة ثم أعرض عنه لحظة ، كان ما فاته أكثر مما ناله.