٩٥٩
ثم ملك بعده ماليق (١) بن ندراس وكان موحّدا على دين قفطيم ومصريم ، وكانت القبط تذمه (٢) لذلك ، وكانت عبادتهم للكواكب والبقر. وكان يستعمل (٣) الغزو والجولان في البلاد ليغيب عن أهل مصر ، وزعم بعض أهل مصر أن الله أيّده بملك من الملائكة يعضده ويرشده ، وربما أتاه في نومه فأخبره ونهاه وأمره ، وهو جمع الجيوش واتّخذ في بحر المغرب أربعمائة سفينة ، وغزا جموع (٤) البربر برّا وبحرا فهزمهم واستأصل أكثرهم ، وبلغ إلى إفريقية وقتل أكثر أهلها وسار منها (٥). وكان لا يمرّ بأمّة إلّا أبادها الى أن غزا من ناحية الأندلس يريد إفرنجة ، وكان بها ملك عظيم يقال له أرقيوش (٦) ، فحشد عليه أمما نواحيه وأقام يحاربه شهرا ، ثم طلب سلمه وأهدى إليه هدايا كثيرة فسار عنه. ودوّخ الأمم المتصلة بالبحر الأخضر وأطاعه أكثرها ، وعمل أعلاما على البحر زبر عليها اسمه وخرب مدن البربر حيث كانت وألجأهم الى ذرى الجبال ورجع (٧) ، فتلقاه أهل مصر بصنوف اللهو والطيب والرياحين (٨) وفرشت له الطرقات ، ودخل قصره موفورا. وأمر أن يعمل له ناووس ، فكان (٩) يحضره ويتعبد فيه ، وأمر أن لا يدفن معه ذهب ولا جوهر ، فلم يدفن معه سوى الطيب وصفيحة مكتوبة بخطّه فيها : هذا ناووس الملك ماليق ، مات مؤمنا بالله لا يعبد معه (١٠) غيره بريئا من الأصنام وعبادتها ، مؤمنا بالبعث والحساب والمجازاة على الأعمال ، فمن أحب النجاة من عذاب الآخرة فليدن بما دان به.
٩٦٠
واستخلف بعده ابنه حريبا ، وقد شرح له التوحيد وأمره أن يدين به ونهاه عن عبادة الأصنام ، وكان معه على ذلك في حياته ، ثمّ رجع عنه بعد وفاته الى
__________________
(١) م : مالق ـ
(٢) س : ندب ـ
(٣) ر : يعمل ـ
(٤) ر : جميع ـ
(٥) سقطت من س ـ
(٦) ر : أبرقوش ـ
(٧) سقطت من ر ـ
(٨) سقطت من ر ـ
(٩) ر : في مكان ـ
(١٠) سقطت من م.