١١٧٦
وقال أبو جعفر أحمد بن إبراهيم المتطبّب القيرواني في مغازي إفريقية : إنّ موسى بن نصير لمّا دخل الأندلس فأتى على ما أراد منها قال لهم : دلّوني على أسنّ شيخ فيكم. فأتي بشيخ قد وقعت حاجباه عن عينيه من الكبر ، فقال له موسى : من أين أنت يا شيخ؟ قال : من قرطاجنة إفريقية. فقال له موسى : فما الّذي أصارك هنا وكيف كان خبر قرطاجنة؟ (قال له : أتعرف من بنى قرطاجنة؟) (١). قال له الشيخ : بناها قوم من بقية العادين الّذين هلك قومهم بالريح فبقيت بعدهم خرابا ألف سنة حتّى بناها (أردمين بن لاودين) (٢) بن نمرود الجبّار ، وجلب إليها الماء العذب من دلالا (٣) فحفر له في الجبال وبنى القناطر في بطون الأودية حتّى استوى جري الماء فيها بعد عمل أربعين سنة. قال : فلمّا حفر أساس تلك القناطر (في طول الأودية) (٤) أصيب فيه حجر عليه كتابة ، فإذا فيه (٥) : إنّ هذه المدينة ليست تخرب إلّا إذا ظهر فيها الملح. قال الشيخ : فبينا نحن ذات يوم في مجرى قرطاجنة جلوس إذا بملح على حجر ، فعند ذلك رحلت إلى هاهنا.
١١٧٧
وكان سبب خراب قرطاجنة أنّ أنيبل ملك إفريقية ـ وكانت قرطاجنة دار ملكه ـ مضى إلى بلد (٦) إيطالية الّذي فيه مدينة رومة ولاقى قوّاد رومة ، وكان أهل رومة يومئذ لا ملك لهم ، إنّما كان تدبير مملكتهم إلى سبعين رجلا (٧) من كبائرهم يخرجون من أنفسهم كلّ عام اثني عشر قائدا يقرعون بينهم على نواحيها ، فيخرج كلّ واحد إلى الناحية الّتي وقعت عليها قرعته.
__________________
(١) عن ر ـ
(٢) ر : أردشير بن الأزد ـ
(٣) ط ق : دلالي ، ر : دلال ـ
(٤) سقطت من ر ـ
(٥) ق ر : هي.
(٦) ر : ملك ـ
(٧) سقطت من ر ـ