وهي مدينة على البحر مسوّرة ، ولها أسواق كثيرة ومساجد وجامع وسورها صخر وطوب ولها حمّامات وفنادق وبواد عظيمة وقصور جمّة وحصون ورباطات على البحر ، منها محرس بطوية (١) وهو أشرفها ، وفيها منار مفرط الارتفاع يرقى إليه في مائة وستّ وستّين درجة ، ومحرس حبلة ومحرس أبي الغصن ومحرس مقدمان ومحرس اللوزة ومحرس الريحانة.
١١١٨
وسفاقس في وسط غابة زيتون ومن زيتها يمتار أهل مصر وأهل المغرب وصقلّية والروم ، وربّما بيع الزيت منها أربعين ربعا قرطبية بمثقال واحد. وهي محطّ السفن ، فإذا جزر الماء بقيت السفن في الحصاة وإذا مدّ رجعت السفن. يقصدها التجّار من الآفاق بالأموال الجزيلة لابتياع المتاع والزيت ، وعمل أهلها في القصارة والكمادة كعمل أهل الإسكندرية وأكثر وأجود.
١١١٩
ويقابل سفاقس في البحر جزيرة تسمّى قرقنة ، وهذه الجزيرة في وسط القصير بينها وبين مدينة سفاقس في ذلك البحر الميّت القصير القعر نحو عشرة أميال ، وليس للبحر هناك حركة في وقت ، وبحذاء هذا الموضع في البحر على رأس القصير بيت مشرف مبني بينه وبين البرّ الكبير نحو أربعين ميلا ، فإذا رأى قلب البيت أصحاب السفن الواردة من الإسكندرية والشام وبرقة أداروها إلى مواضع معلومة. وجزيرة قرقنة المذكورة فيها آثار بنيان ومواجل للماء ، ويدخل فيها أهل سفاقس دوابّهم ومواشيهم لأنّها خصبة (٢).
__________________
(١) ر : طبوية.
(٢) ر : حصينة.