أمير المؤمنين فأعطاهم الأمان ليقبلوا ذلك منه](١). وخاطب عمر رضه [بما دعوا إليه وباستيثاقه منهم]. قال : ثمّ سار عمر [رضه نحو إيليا وخرج المسلمون يستقبلونه ، فخرج أبو عبيدة رضه بالناس ، وأقبل عمر رضه على جمل له عليه رحل ملبّس جلد كبش حولي حتّى انتهى إلى مخاضة ، فأقبلوا يتبادرونه حتّى نزل عن بعيره وأخذ بزمامه وهو من ليف ، ثمّ دخل بين يديه حتّى صار إلى أصحاب أبي عبيدة رضياللهعنهما ، فإذا معهم برذون يجنبونه ، فقالوا : يا أمير المؤمنين اركب هذا البرذون فإنّه أحجى بك وأهون عليك في ركوبه ، ولا نحبّ أن يراك أهل الذمّة في مثل هذه الهيئة ، واستقبلوه بثياب بيض. فركب البرذون وترك الثياب ، فلمّا هملج به نزل عنه وقال : خذوا هذا عنّي فإنّه شيطان. فقالوا : يا أمير المؤمنين لو لبست هذه الثياب البيض وركبت هذا البرذون لكان أجمل في المروءة وأحسن في الذكر. فقال عمر رضه : ويحكم لا تعتزّوا بغير ما أعزّكم الله به فتذلّوا. ثمّ مضى ومضى المسلمون فيهم أبو الأعور السلمي قد لبسوا ثياب الروم من الديباج وغيره. فقال عمر رضه : احثوا في وجوهكم التراب حتّى ترجعوا إلى هيئتنا وسنّتنا ، وأمر بدلك الديباج فخرق. فقال له يزيد بن أبي سفيان : يا أمير المؤمنين إنّ الدوابّ والسلب عندنا كثير والعيش رفيع والسعر رخيص وحال المسلمين كما تحبّ ، فلو أنّك لبست هذه الثياب البيض وركبت هذه المراكب الفره وأطعمت المسلمين من هذا الطعام الكثير لكان أبعد في الصّيت وأعظم في أعين الأعاجم. فقال له عمر رضه : يا يزيد لا والله لا أتزيّن للنّاس بما يشينني عند الله عزوجل ولا أريد أن يعظم أمري عند الناس ويصغر عند الله عزوجل. ثمّ أرخى إلى إيليا](٢) ، فخرج إليه [أبو الجعيد] فصالحه ، وكتب لهم عمر كتابا أمّنهم فيه على أنفسهم [وذراريهم ونسائهم وأموالهم وكنائسهم واشترطوا أن لا يساكنهم اليهود فيها](٣).
__________________
(١) عن الحميري ٦٨.
(٢) عن الحميري ٦٨.
(٣) عن الحميري ٦٨.