الكلاب العظام بادية أنيابهم يخرج من أفواههم مثل لهب النّار ، ولمّا مرّ بهم ذو القرنين خرجوا إليه فحاربوه وحاربهم حتّى تخلّص منهم. وفيه جزيرة بيضاء واسعة كثيرة الأشجار والأنهار فيها قوم شقر وجوههم في صدورهم ، للواحد منهم فرجان ـ فرج امرأة وفرج رجل ـ يتكلّمون بمثل كلام الطير وطعامهم نبت يشبه الفطر والكمأة.
٣١٩
وفيها جزيرة التنّين كان بها تنّين قد نال أهلها بكلّ مكروه ، فلمّا دخلها الإسكندر استغاثوا به وذكروا له أنّ التّنين أتلف مواشيهم حتّى جعلوا له ثورين كلّ يوم ضريبة ينصبونهما في موضعه ، فيخرج فيبتلع الثورين ، ثمّ يعود إلى مكانه. قال : أروني موضعه ، فنصبوا له الثورين وأقبل كأنّه السحابة السوداء وعيناه كالبرق اللّامع والنار تلهب من فيه ، فابتلع الثورين وعاد إلى موضعه. فأمر الإسكندر بثورين عظيمين فسلخا وحشي جلودهما زفتا وكبريتا وكلسا وزرنيخا ، وجعل مع تلك الأخلاط كلاليب حديد كثيرة وجعلها في ذلك [المكان]. وخرج التنين على عادته فالتقمهما وانصرف ، فانضربت تلك الأخلاط في جوفه ، فلمّا أحسّ بثقلها ذهب ليلقيها ، فتشبّثت تلك الكلاليب في حلقه فخرج وفغرفاه يستروح. فأمر الإسكندر بقطع الحديد ، فحميت وحملت على ألواح من حديد وقذفت في حلقه فمات. فكان ذلك فتحا عظيما لأهل تلك الجزيرة ، فألطفوا الإسكندر وحملوا إليه من طرائف (١) ما عندهم. فكان من ذلك دابّة في خلق الأرنب شعره أصفر يبرق كما يبرق الحديد أو الذهب ، وفي رأسه قرن واحد يسمّونه نفواج (٢) ، وهوامّ الأرض إذا رأته والأسد والوحش كلّها والطير هربت (٣) منه.
__________________
(١) ن : ظرائف ـ
(٢) كذا في ل ، ن : معراج ـ
(٣) ل ن : قربت.