البحر متلاطم تجزع منه النفوس ولا بدّ للمراكب من الدخول في وسطها والاجتياز عليها فتخطىء وتصيب. وهي في طريق من قطع من عمان إلى سيراف ، وبين هذا الخليج وخليج القلزم المذكور من المسافة في البرّ ألف وخمسمائة ميل ، وهذه المسافة داخلة [من البرّ](١) في البحر ، (والبحر محيط بها) (٢) من أكثر جهاتها.
٢٨٣
وهذه البحار كلّها واحد : بحر الصّين والهند وفارس واليمن ، وتختلف في ارتجاجها وتتضادّ ، فأوّل ما تبتدئ صعوبة بحر فارس عند دخول الشمس السّنبلة إلى أن تصير إلى برج الحوت ، وبحر الهند بالضدّ ، فهما شبيهان بطبيعة المدّتين اللّتين يهيجان في وقتهما ، فأمّا بحر فارس فإنّه يركب سائر السّنة.
٢٨٤
وليس فيما ذكرنا من خلجان هذا البحر أنتن ريحا ولا أقلّ خيرا في بطنه وظهره من بحر القلزم ، وهو على يمين بحر الهند ، ولا أوحش منه ولا أكبر جبالا ، والمراكب لا تسير فيه إلّا نهارا ، فإذا جنّ اللّيل أرست في مواضع معروفة كالمراحل. وهو حدّ بحر الهند والسّند الذي في قعره اللؤلؤ والعنبر ، وفي جباله الجوهر ومعادن الذهب والفضّة ، ومن معادنه الأبنوس والخيزران والعود وأشجار الكافور والقرنفل والصّندل وأنواع الطّيب.
٢٨٥
ومغاص اللؤلؤ في بلاد خارك وقطر وعمان وسرنديب وغيرها من هذه البحار خاصّة ، وغيره من البحار لا لؤلؤ فيه. والغاصّة لا يتناولون شيئا من اللّحمان
__________________
(١) عن المسعودي ٢٥٥ ـ
(٢) ل ن : محيطة بها ، والتصويب عن المسعودي.