نصر ، فصار إليهم بجنوده وغشى ديارهم وصاح بهم صائح من الهواء وقد استعدّوا لحربه ، فعمّ الصوت أسماعهم [طويل] :
سيغلب قوم غالبوا الله جهرة |
|
وإن كايدوه كان أقوى وأكيدا |
كذلك يضلّ الله من كان قلبه (١) |
|
مريضا ومن والى النفاق وألحدا |
فعلموا أن الأمر نازل بهم فانفضّت جموعهم وحصدهم السيف أجمعين. يقول الله عزوجل فيهم : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ)(٢).
[ذكر من كان بين عيسى ومحمّد صلعم]
١٨٥
وممّن كان في الفترة بين عيسى ومحمّد صلعم جرجس ، وهو من أهل فلسطين ، وبعث إلى ملك الموصل يدعوه إلى الإسلام ، فقتله بالعذاب مرّات وأحياه الله عزوجل آية لهم وعبرة ، ونشره قطعا ورماه إلى الأسد الضارية فخضعت الأسد برءوسها وظلّ يومه كذلك. فلمّا أدركه الليل جمع أوصاله وردّ روحه ، ثمّ أقبل عليهم اليوم الثاني يعظهم ويغلّظ عليهم ، فلمّا استمرّوا في عتوّهم وكفرهم بعث الله عليهم نارا فأحرقتهم عن آخرهم.
١٨٦
وممّن كان في الفترة الذين حكى الله عزوجل عنهم في قوله : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) الآية (٣). وأسماؤهم صادق وصدوق والثالث شلوم ـ الثالث بطرس بالرومية وبالسريانية شمعون وبالعربية سمعان. وقد سمّى الاثنين أيضا بالرومية فقيل بطرس وبولس ، وقيل يرما
__________________
(١) ن : قبله ـ
(٢) سورة الأنبياء ٢١ / ١٢.
(٣) سورة يس ٣٦ / ١٣ ـ