١٣٦
فلمّا تقارب زمن موسى أعلمه المنجّمون بما وجدوا من أمره في علمهم وقالوا : قد أظلّك زمانه. وقيل : بل رأى فرعون (١) في منامه أنّ نارا أقبلت من بيت المقدس فأحرقت القبط بمصر وتركت بني إسرائيل ، فسأل عن رؤياه فقيل له : يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه رجل يكون على يده هلاك القبط. روي ذلك عن ابن عبّاس وابن مسعود رضياللهعنهم. فأمر بقتل الغلمان واستحياء الجواري ، فكان من أمر موسى ما نصّه الله عزوجل. فلمّا شبّ موسى كان (٢) يركب مثل ما يركب فرعون ويلبس كلبسه ، وكان يدعى موسى بن فرعون لأنّه كان تبنّاه. وركب يوما وقد ركب فرعون ، وهو يتبعه ، وقد خلت الأسواق لاحتفال النّاس مع فرعون ، فكان من أمر القبطي والإسرائيلي الذي استنصر بموسى ما كان. فذلك قوله عزوجل : (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) الآية (٣). ثم خرج خائفا يترقّب تلقاء مدين ، فكان من أمره وأمر الجاريتين ما نصّه الله عزوجل ، وهما ليا وصفورة (٤) ، وتزوّج موسى منهما صفورة.
١٣٧
وكلّمه [الله] تكليما وأمره أن يأتي فرعون وشدّ عضده بأخيه ، ثمّ كان من أمره وأمر فرعون ما كان. وقيل إن عدد السحرة الذين حشر له فرعون خمسة عشر ألفا ، فكانوا أوّل النهار سحرة وآخره شهداء قتلهم فرعون لإيمانهم لمّا رأوا الآية المعجزة. وأمر الله سبحانه وتعالى موسى أن يسري ببني إسرائيل فقال : (فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً)(٥). فأمرهم أن لا ينادي إنسان صاحبه وأن يسرحوا من بيوتهم. ثمّ خرجوا وألقى على القبط الموت فأصبحوا يتدافنون ، فاشتغلوا بذلك حتّى طلعت الشمس. فذلك قوله عزوجل : (فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ)(٦).
__________________
(١) سقطت من ن ـ
(٢) ن : وكان ـ
(٣) سورة القصص ٢٨ / ١٥ ـ
(٤) ل ن : صفر.
(٥) سورة الدخان ٤٤ / ٢٣ ـ
(٦) سورة الشعراء ٢٦ / ٦٠.