«من عجز عن معرفة
نفسه فأخلق به أن يعجز عن معرفة خالقه» ؛ فإنّ معرفتها ذاتا وصفة
مرقاة إلى معرفة بارئها ويصير الإنسان باكتسابها من حزب الملائكة المقرّبين ، بعد أن
كان من جنس الحيوانات المبعّدين ، وهي العروة الوثقى والعمدة العظمى في التقرّب إلى
اللّه والفوز بالسعادة الأخروية. والجهل بهذه المعارف الإلهيّة وجحودها ـ مع وجود الاستعداد
وقوّة التعلّم ومكنة التحصيل ـ رأس الشقاوات والعقوبات ومادّة كلّ نفاق ومرض نفساني
ومغرس كلّ شجرة ملعونة و «شجرة خبيثة» في الدنيا والآخرة :أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ
اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ
، ولهم العذاب والخسران العظيم
والحسرة والندامة يوم القيامة.
ولمّا كان العلوم الكماليّة والمعارف الإلهيّة
مختلفة الأنواع والفنون ، متكثّرة الشعب
والشجون
، حتّى إنّ النّفوس الإنسانيّة ـ مع إحاطتها بالكليّات ـ تعجز
عن إدراك
أنواعها وفنونها ، سيّما في تعلّقها
بهذه النشأة التعلّقية
، وتكلّ
عن استحضارها.
فرسمت رسالة في تحقيق بعض المسائل المتعلّقة
بالمبدأ والمعاد ، ليكون معينا لمن له فضل قوّة على تحصيل الكمال وعلى من له زيادة
دربة في
__________________