وكما قال أبو طالب المكي (١) : «مشيّته ـ تعالى ـ قدرته» (٢).
وكذلك صفاته الإضافية لا يتكثّر معناها ولا يختلف مقتضاها. وكذا الصفات السّلبية ؛ فإنّ إضافاته (٣) إلى الأشياء وإن تعدّدت أساميها واختلفت ، لكنّها كلّها ترجع (٤) إلى معنى واحد وإضافة واحدة هي قيوميّته (٥) الإيجابية للأشياء.
ومن هنا (٦) يظهر معنى (٧) كلام الشيخ الرئيس (٨) في التعليقات :
الأشياء كلّها عند الأوائل واجبات ، ليس هناك إمكان البتّة. فإذا كان شيء لم يكن في وقت ، فإنّما يكون من جهة القابل لا من جهة الفاعل ؛ فإنّه كلّما حدث استعداد من المادة ، حدثت فيها صورة من هناك ، إذ ليس هناك منع ولا بخل. فالأشياء كلّها واجبات هناك لا تحدث وقتا ، ولا يكون هناك كما يكون عندنا (٩).
واعلم أنّه لا يتغيّر ذاته بتغيّر جزئيّات ما أضيف إليه وإن تغيّرت إضافته إليها ؛ كما نقل عن الشيخ الإلهي شهاب الدين السهروردي أنّ ممّا يجب أن تعلمه
__________________
(١) أبو طالب محمد بن عطيّة (متوفى در ٣٨٦) إيراني الأصل ، عارف وحكيم اشراقي ومؤلّف قوت القلوب كه روش مكتب حكماى إيران باستان را داشته وبه تصوف معروف است.
(٢) الحكمة المتعالية ، ج ٦ ، ص ١٢٠ : «فقال أبو طالب المكي : مشيّته ـ تعالى ـ قدرته ، وما يدركه بصفة يدركه بجميع الصفات ، إذ لا اختلاف هناك.»
(٣) لك : إضافته.
(٤) بقيه نسخ (جز أصل) : يرجع.
(٥) أصل : قيومته.
(٦) مش ٢ : هاهنا.
(٧) دا : ـ معنى.
(٨) أصل : ـ الرئيس.
(٩) در تعليقات ابن سينا ، ط دكتر بدوي ، ص ٢٩ : «الأشياء كلها عند الأوائل واجبات ، وليس هناك إمكان البتة. وإذا كان شيء ولم يكن في وقت ، فإنما يكون ذلك من جهة القابل لا من جهة الفاعل ؛ فإنه كلّما حدث استعداد من المادة ، حدث فيها صورة من هناك ، إذ ليس هناك منع ولا بخل. فالأشياء كلها هناك واجبات لا تحدث وقتا وتمتنع وقتا ، ولا تكون هناك كما تكون هنا.»