بقيت النفس فارغة عن شغل الحواسّ ؛ لأنّها لا تزال مشغولة بالتفكّر فيما يورده الحواس عليها ؛ فإذا وجدت فرصة الفراغ وارتفعت عنها الموانع ، استعدّت للاتّصال بالجواهر الروحانية الشريفة العقليّة ـ التي فيها نقوش جميع الموجودات كلّها المعبّرة عنها في الشرع ب «اللوح المحفوظ» ـ و [الجواهر] (١) النفسيّة (٢) والقوى الانطباعيّة من البرازخ العلويّة التي فيها صور الشخصيّات الماديّة والجزئيّات الجسمانيّة.
فإذا اتّصلت بتلك الجواهر ، قبلت ما فيها من النقوش ، لا سيّما ما ناسب أغراض النفس ويكون مهمّا لها ؛ فحينئذ إذ ارتفع الحجاب بالنوم ـ الذي هو أخ الموت ـ قليلا ، يظهر في مرآة النفس شيء من النقوش والصور (٣) التي في تلك المرائي ممّا يناسبها ويحاذيها. فإن كانت تلك الصور جزئيّة وبقيت في النفس ، تحفظ (٤) الحافظة إيّاها على وجهها ولم يتصرّف فيه القوّة المتخيّلة ، فيصدق هذه (٥) الرؤيا ؛ وإن كانت المتخيّلة غالبة أو إدراك النفس للصورة (٦) ضعيفا ، صارت المتخيّلة بطبعها إلى تبديل ما رأته النفس بمثال ، كتبديل العلم باللبن وتبديل العدو بالحيّة وتبديل الملك بالبحر والجبل.
تذكرة |
في أضغاث «الأحلام» ، وهي المنامات التي لا أصل لها اعلم أنّ النفس بقوّتها الخياليّة التي هي لها (٧) في عالمها بمنزلة القوة (٨) المحرّكة في هذا العالم ؛ فكما يصدر منها في عالم المحسوسات بقوّتها |
__________________
(١) همهء نسخ : الجوهر.
(٢) أصل : النفيسة.
(٣) مش ٢ : الصورة.
(٤) مش ١ ، آس ، مش ٢ ، لك : بحفظ.
(٥) مش ٢ : هذا.
(٦) أصل ، لك ، دا ، چ ، آس : المصوّرة.
(٧) چ : ـ لها.
(٨) مش ٢ ، لك : القوّة / أصل وبقيهء نسخ : القوى. مبدأ ومعاد ، ص ٤٧١ : «... هي لها في عالمها بمنزلة القوّة المحرّكة في هذا العالم».