قال أبو عبد الله : إنما كنّى بنبات شعر عانته ، كما تقول العرب : فلان عفيف الإزار : إذا كان صائنا لفرجه ، ويقال : أنبت : إذا احتلم ، وقيل فى قوله تعالى (١) : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) قال : هو نبات شعرته وإبطه.
وقرأ الباقون : أومن ينشَؤا جعلوا الفعل لهم ؛ لأنّ الله أنشأهم فنشئوا ، ويقال للجوارى الملاح : النّشأ ، قال نصيب (٢) :
ولو لا أن يقال صبا نصيب |
|
لقلت بنفسى النّشأ الصّغار |
وقرأ عبد الله بن مسعود (٣) : ولا ينشّؤا [إلا] فى الحلية وذلك أن الله تعالى احتج عليهم ووبّخهم حين جعلوا له من عباده جزءا أى : نصيبا. وقيل : جزءا أى : بنتا. قال الله : كيف رضيتم لله تعالى ما لا ترضون لأنفسكم وأحدكم إذا بشر بالأنثى ظلّ وجهه مسودّا. ويقال : أجزأت المرأة إذا ولدت بنتا ، وأنشدوا (٤) :
إن أجزأت حرّة يوما فلا عجب |
|
قد تجزىء الحرّة المذكار أحيانا |
__________________
(١) سورة المؤمنون : آية : ١٤.
(٢) تقدم ذكره ، وهو فى شعره : ٨٨.
(٣) القراءة فى معانى القرآن للفراء : ٣ / ٢٩ ، وتفسير الطبرى : ٢٥ / ٣٥.
(٤) الذى أنشده هو الزّجاج فى معانى القرآن وإعرابه : ٤ / ٤٠٧ قال : وقد أنشدنى بعض أهل اللغة بيتا يدلّ على أنّ معنى «جزء» معنى الإناث ولا أدرى آلبيت قديم أم مصنوع؟ أنشدنى : وذكر البيت. وعنه فى اللسان (جزء) وذكر أبا إسحاق. والمحكم : ٧ / ٣٣٥ ، ولم يذكره. وأنشده الصّغانى فى العباب : ١ / ٦٤ ، والتكملة : (جزء) ونقل عبارة أبى إسحاق بنصها. وينظر : التاج (جزء). قال الأزهريّ ـ رحمهالله ـ فى تهذيب اللغة : ١١ / ١٤٥ : «واستدل قائل هذا القول بقوله جلّ وعزّ : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) قال : وأنشد غيره لبعض الأنصار :
نكحتها من بنات الأوس مجزئة |
|
للعوسج اللّدن فى أنيابها زجل. |