والقديم هاهنا الّذى قد أتى عليه سنة ، وأمّا قول الشّاعر (١) :
لو يدبّ الحولىّ من ولد الذّ |
|
رّ عليها لأندبتها الكلوم |
فإنّ ثعلبا قال : الحولىّ هاهنا : ما أتى عليه يوم واحد (٢) ؛ لأنّ الذرّ لا يعيش سنة ، والعرب تشبّه انتقاص المرء بعد كبره بزيادة القمر ونقصانه. وكذلك إذا ولد ؛ لأنّ القمر يهلّ صغيرا ثم يعظم ثم ينقص ، كذلك يكون الرّجل طفلا ، ثم شرخا ، ثم يستوى شبابه ، ثم يشيخ ، ثم ينقص ، قال الشاعر (٣) :
مهما يكن ريب المنون فإنّنى |
|
أرى قمر الدّنيا المعذّب كالفتى |
يهلّ صغيرا ثم يعظم ضوؤه |
|
وصورته حتّى إذا ما هو انتهى / |
يقارب يخبو ضوؤه وشعاعه |
|
ويمصح حتّى يستسرّ فلا يرى |
__________________
(١) البيت لحسان بن ثابت رضى الله عنه فى ديوانه : ١ / ٤٠ من قصيدة أولها :
منع النّوم بالعشاء الهموم |
|
وخيال إذا تغور النّجوم |
من حبيب أصاب قلبك منه |
|
سقم فهو داخل مكتوم |
يا لقومى هل تقتل المرء مثلى |
|
واهن البطش والعظام سؤوم |
همّها العطر والفراش ويعلو |
|
ها لجين ولؤلؤ منظوم |
لويدبّ الحولىّ من ولد الذّ |
|
رّ عليها لأندبتها الكلوم |
(٢) قال الجاحظ فى الحيوان ـ وأنشد البيت ـ : «فإنّ الحولىّ منها لا يعرف من مسانّها ، وإنما هو كما قال الشاعر :
تلقط حولىّ الحصى فى منازل |
|
من الحيّ أمست بالحبيبين بلقعا |
قال : وحولى الحصى : صغاره ، فشبّهه بالحولى من ذوات الأربع».
(٣) تنسب الأبيات إلى حنظلة بن أبي عفراء الطائى. الأغانى : ١٠ / ٢١٣ وربما نسبت إلى غيره من قصيدة طويلة.