وفيها قراءة ثالثة : قرأ أبو الهجهاج : (١) ولقد صدّق عليهم إبليسَ ظنُّه جعل الفعل للظنّ ونصب «إبليس». قال النّحويون : وهو صواب ، كما تقول صدّقنى ظنّى ، وكذّبنى ظنّى.
١٥ ـ وقوله تعالى : (إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) [٢٣].
قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر [وحفص عن عاصم] : (أَذِنَ) بفتح الهمزة وكسر الذال ، أى : أذن الله له.
وقرأ الباقون : أُذِن له على ما لم يسمّ فاعله ، ويقال : أذنت للرجل فى الشىء يفعله بمعنى : أعلمته ، وأذنته / أيضا ، وأذن زيد إلى عمر : إذا استمع إليه. جاء فى الحديث (٢) : «ما أذن الله بشىء قطّ كإذنه لنبىّ حسن الصّوت يتغنّى بالقرآن».
١٦ ـ وقوله تعالى : (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) [٣٧].
قرأ حمزة وحده : فى الغرفة بالتوحيد ، لأنّ الله تعالى قال (٣) : (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا) وفى الجنّة غرفات وغرف. غير أنّ العرب تجتزىء بالواحد عن الجماعة فيقولون : رزقك الله الجنة يريدون الجنّات «وأهلك النّاس الدّينار والدّرهم» يريدون : الدّنانير ، والدّراهم ، وقال الله تعالى (٤) : (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) يريد الملائكة.
وقرأ الباقون : (فِي الْغُرُفاتِ) بالجماع. وشاهدهم قوله (٥) : (لَهُمْ
__________________
(١) ويقال : «أبو الجهجاه» من فصحاء الأعراب والقراءة فى إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٦٦٨ ، والمحتسب : ٢ / ١٩١ ، وتفسير القرطبى : ١٤ / ٢٩٢ ، والبحر المحيط : ٧ / ٢٧٣.
(٢) تقدم ذكره فى أول الكتاب : ١ / ٤٥.
(٣) سورة الفرقان : آية : ٧٥.
(٤) سورة الحاقة : آية : ١٧.
(٥) سورة الزمر : آية : ٢٠.