فرفع «لساعة» لأنّ السلوّ مصدر ، والخبر نكرة ، فإن جعلت الخبر معرفة فاختيار العرب النّصب.
وحدّثنى ابن مجاهد عن السّمّرىّ عن الفرّاء ، قال : تقول العرب : ما ترك فلان عن أبيه غدوّا ، ولا رواحا ، ولا مغدى ولا مراحا ، بمعنى واحد : إذا نزع فى الشّبه إليه.
٦ ـ وقوله تعالى : (وَجِفانٍ كَالْجَوابِ) [١٣].
قرأ ابن كثير : كالجوابى بالياء ، وصل أو وقف على الأصل ، لأنّ الأصل جابية والجمع جواب ، قال الشاعر ـ هو الأعشى ـ (١) :
* كجابية الشّيخ العراقىّ تفهق*
والجوابى : الحياض ، والجفان : القصاع الكبار ، والقدور الراسيات الثابتة التى لا تزلّ لعظمها ، واستعمالهم إياها دائمة.
وقرأ أبو عمرو بإثبات الياء فى الأصل ، وبحذفها فى الوقف ، فتبع الأصل فى الدّرج وتبع المصحف فى الوقف.
والباقون يحذفونها وصلا ، ووقفا اجتزاء بالكسرة واتباعا للكتاب.
وكذلك قرأ نافع برواية ورش الجوابى بالصلة فى الوصل.
وكان بعض الزّنادقة يقول : إن فى القرآن ما يوافق الشّعر كقوله (٢) : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها)(٣) وجفان
__________________
(١) ديوانه (الصّبح المنير) : ١٥٠ ، وصدره :
* نفى الذمّ عن آل المحلّق جفنة*
من قصيدة يمدح بها عبد العزيز بن خنثم بن شداد بن ربيعة المعروف ب «الملحق» فى قصة مشهورة أنشدها الأعشى بسوق عكاظ.
(٢) سورة آل عمران : آية : ٩٢.
(٣) سورة (الدهر) الإنسان : آية : ١٤.