وقرأ الباقون كلّ ذلك بالإظهار. فحّجة من أدغم قال : إظهار الكلمتين كإعادة الحديث مرتين ، أو كخطو المقيّد ، فأسكن الحرف الأول وأدغمه في الثاني ليعمل اللسان مرة واحدة.
وأمّا من أظهر فإنه أتى بالكلام على أصله لتكثر حسناته ، إذ كان له بكل حرف عشر حسنات ، وإنما الإدغام تخفيف وتقليل الكثير. واتفق القراء جميعا على إدغام الحرفين المتجانسين والأول ساكن نحو قوله (١) : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ).
٢ ـ وقوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) [٣] قرأ أبو عمرو إذا حدر القراءة أو قرأ في الصّلاة يومنون بترك الهمز تخفيفأ ؛ إذ كانت الهمزة تخرج فى أقصى الحلق وفي إخراجها كلفة ، وأكثر العرب يلينها ، ومنهم من يحذفها جملة ، فإذا حقق القراءة همز ، وإنما يفعل ذلك بالهمزات الساكنات ، وإذا كان سكون الهمزة علامة للجزم نحو قوله تعالى أو ننسأها (٢) و (إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)(٣) لم يدع الهمزة ، وكذلك إذا كان في الحرف لغتان نحو : موصدة (٤) لأن لا يخرج من لغة إلى لغة ، وكذلك إذا كان ترك الهمز أثقل من الهمز لم يدع الهمزة / نحو قوله : (وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ)(٥) وكان حمزة لا يهمز إذا وقف ، ويهمز إذا أدرج ولا يبالى إذا كانت الهمزة ساكنة أو متحركة نحو قوله تعالى (٦) : (لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) يقف مولا
__________________
(١) سورة الأعراف : آية : ١٦٠ ، والشعراء : آية : ٦٣.
(٢) سورة البقرة : آية : ١٠٦.
(٣) سورة المائدة : آية : ١٠١.
(٤) سورة الهمزة : آية : ٨.
(٥) سورة الأحزاب : آية : ٥١.
(٦) سورة الكهف : آية : ٥٨.