اللّفظ ، ألا ترى أن الأمر موقوف والنهى مجزوم ، وقد جعلت حكمهما سيّين ، فالسين فى قوله (فَمَا اسْطاعُوا) ساكنة لا يجوز حركتها كاللّام التى للتعريف نحو الأحمر والأيكة ، فمن العرب من يحرك هذه اللام فيقول : ليكة ولحمر فجاز تشبيه السّين باللّام.
والوجه الثانى : أن العرب تتوهّم بالسّاكن الحركة والحركة السكون.
وحدّثنى ابن مجاهد عن السّمّرىّ عن الفرّاء قال (١) عبد القيس يقولون : اسل زيدا ، فيدخلون ألف الوصل / على سين متحركة ؛ لأنّهم توهّموا إسال السّكون فى السين. وهذه الحجّة وإن كانت قد أيّدت قراءة حمزة فإن الاختيار ما قرأ الباقون (فَمَا اسْطاعُوا) بتخفيف الطّاء ، أراد : استطاعوا أيضا فحذفوا التاء اختصارا كراهية الإدغام والجمع بين حرفين متقاربى المخرج ، والعرب تقول : طاع يطوع وطوّع يطوع من قوله : (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ)(٢) أى : تابعته وسوّلت له.
وحكى أبو زيد وسيبويه (٣) استطاع يستطيع بمعنى : أطاع يطيع. ومعنى قوله : (أَنْ يَظْهَرُوهُ) أى : يعلوه ، يقال ظهرت على ظهر البيت ، أى : علوته وما اسطاعوا له نقبا أى : لم يقدروا أن ينقبوا الحديد.
٤٢ ـ وقوله تعالى : (دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) [٩٨].
قرأ أهل الكوفة ممدودا.
وقرأ الباقون : دكّا بمعنى مدكوكة. قال : والعرب تجعل المصدر
__________________
(١) كتاب ليس للمؤلف : ٨٩ ، ٩٠ ، ٢٨٧.
(٢) سورة المائدة : آية : ٣٠.
(٣) الكتاب : ٢ / ٣٣٣.