ومن سورة الكهف
١ ـ قوله تعالى : (مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ) [٢].
قرأ عاصم وحده فى رواية أبى بكر لَدْنِهِى بإسكان الدّال وإشمام الضمّ ، وكسر النّون والهاء وإيصالها بياء.
وقرأ الباقون (لَدُنْهُ) بضمّ الدال وجزم النّون وضمّ الهاء من غير واو ، إلا ابن كثير فإنه كان يصل الهاء بالواو من لَدُنهُو وذلك أنّ «لدن» معناه «عند» وهو اسم غير متمكن ، قال الله تعالى : (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)(١) فالنّون ساكنة فى كلّ ، والهاء إذا أتت بعد حرف ساكن لم يجز فيها إلا الضمّ نحو منه ، والأصل منهو ولدنهو كقراءة ابن كثير غير أنّهم حذفوا الواو اختصارا /.
وأمّا قراءة عاصم فإنه أسكن الدّال استثقالا للضّمة كما يقال : فى كرم زيد كرم زيد ، فلمّا أسكن الدّال التقى ساكنان النّون والدّال ، وكسروا النّون لالتقاء السّاكنين ، وكسروا الهاء لمجاورة حرف مكسور ، ووصلها بياء كما يقال : مررت بهو يافتى.
وما أعلم أنّ أحدا احتج لهذه القراءة ، فاعرفه فإنّه حسن. ولو فتح النون لالتقاء السّاكنين لجاز بعد أن أسكن الدّال كما قال (٢) :
__________________
(١) سورة هود : آية : ١.
(٢) البيت لرجل مجهول من أزد السّراة ، وقيل : هو لعمرو الجنبيّ ، وهو من شواهد سيبويه : ١ / ٣٤١ ، ٢ / ٢٥٨ ، وشرحه للسيرافى : ٣ / ٧٧ والنكت عليه للأعلم : ٥٩٠ ، والأصول : ١ / ٣٦٥ ، ٣ / ١٥٨ ، وتكملة الإيضاح : ٧ ، وإيضاح شواهد الإيضاح : ١ / ٣٥٣ ، والخصائص : ٢ / ٣٣٣ ، وشرح المفصل لابن يعيش : ٤ / ٤٨ ، ٩ / ١٢٣ ، ١٢٦ ، والخزانة : ١ / ٣٩٧.