أبو عمرو : الرّشد : الصّلاح. والرّشد : فى الدّين فلذلك كان يقرأ التى فى الكهف (رَشَداً)(١).
وقال أبو عبيد : الاختيار : الرّشد ـ بالضمّ والإسكان ـ لأنّ القراء أجمعوا على قوله : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً)(٢) فهذا مثله.
قال أبو عبد الله رضي الله عنه : وكذلك : (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ)(٣) والغيّ : هاهنا الضّلال يقال غوي الرجل يغوى : إذا صار من أهل الغيّ. والغواية : الضّلالة. وأمّا غوى ـ بكسر الواو ـ يغوى غوى فشيئان : يقال فى السّخلة إذا بشمت من كثرة الشّرب للّبن ، وإذا هزلت من قلّة الشّرب ، وينشد (٤) :
معطّفة الأثناء ليس فصيلها |
|
برازئها درّا ولا ميّت غوى |
الدّرّ : اللّبن ، ومن ذلك قولهم : لله درك ، أي : لله صالح عملك ، وذلك أنّ العرب كانت تفتضّ الكرش لشرب مائه وتفصد العرق لتشرب الدّم فكان أفضل ما يشربون اللّبن وهو الدّرة فأمّا قوله : (لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) [١٤٦] فإن أبيّا قرأ (٥) لا يتّخذوها فالهاء فى كلا القراءتين تعود على / السّبيل ؛ لأنّ العرب تذكّر السّبيل وتؤنّثه ، قال الله تعالى : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي)(٦) وقال فى موضع آخر : (قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ)(٧) فأمّا ابن
__________________
(١) الآيتان : ١٠ ، ٢٤.
(٢) سورة النساء : آية : ٦.
(٣) سورة البقرة : آية : ٢٥٦.
(٤) أنشده المؤلف فى شرح الفصيح : ورقة : ٢ ، وهو فى التاج (غوى) : لعامر المجنون ، وفى تهذيب اللغة : ٨ / ٢١٨ ، واللسان (غوى) دون نسبة.
(٥) قراءة أبىّ فى البحر المحيط : ٤ / ٣٩٠ لابن أبى عبلة.
(٦) سورة يوسف : آية ١٠٨.
(٧) سورة النحل : آية ٩.