فمن كسر جعله شرطا ، واحتجّ بأنّ فى مصحف عبد الله (١) : إن يصدّوكم والاختيار الفتح ؛ لأن الصّدود وقع من الكفار ، والمائدة / آخر ما نزل من القرآن ، والتقدير : ولا يحملنّكم بغض قوم أن تعتدوا لأن صدّوكم ، وهذا بيّن جدّا.
٣ ـ وقوله تعالى : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [٦].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة وأبو بكر عن عاصم وأرجلِكم بالكسر وقرأ الباقون بالفتح.
قال أبو عبد الله (رضى الله عنه) وقد اختلف الفقهاء والنّحويون فى تأويل هذه الآية ، فمن نصب نسقه على : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ... وَأَرْجُلَكُمْ) وهو الاختيار بإجماع الكافة عليه ، ومع ذلك فإنّ المحدود مع المحدود أولى أن يؤتيا ، وذلك أن الله كل ما ذكره من المسح فإنّه لم يحده (٢) ، وكل ما حدّه فهو مغسول نحو (أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) و (أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ).
ومن كسر فحجّته أنّ الله تعالى أنزل القرآن بمسح الرّجل ثم عادت السّنة إلى الغسل ، وكذلك قال الشّعبى والحسن.
قال أبو عبيد : من قرأ وأرجلِكم ـ بالكسر ـ لزمه أن يمسح ، ومن ذكر أن من خفض وأرجلِكم خفضه على الجوار فهو غلط ؛ لأنّ الخفض على الجوار لغة لا تستعمل فى القرآن ، وإنما تكون لضرورة شاعر ، أو حرف يجرى كالمثل كقولهم : «جحر ضبّ خرب» والعرب تسمى الغسل مسحا ، قال الله
__________________
(١) المصادر السابقة.
(٢) معانى القرآن وإعرابه للزجاج : ٢ / ١٥٣.