قال أهل الكوفة : إنما حركوا بالضمّ اتباعا لضمة التاء والراء ، وذلك غلط ؛ لأن ألف الوصل تسقط مع حركتها ولا تنقل حركتها ، ولكنّ الحجّة لمن ضمّ عند البصريين : أنهم كرهوا أن يخرجوا من كسر إلى ضمّ ، فضموا ليتبعوا الضمّ الضمّ ، كقولك : ادخل ، اخرج
٢٣ ـ وقوله تعالى : (إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) [٦٦].
قرأ ابن عامر وحده إلّا قليلا منهم بالنّصب.
وقرأ الباقون بالرّفع ولابن عامر حجتان.
إحداهما : ما ذكر الفرّاء أن قليلا ينصب ب «أن» ولا ، يسدّ مسدّ الخبر ، والتقدير : ما فعلوه أن قليلا ، وليس ذلك بشىء.
والحجّة الثانية : أنّ العرب تنصب في النفي والإيجاب بضمير فعل نابت عنه «إلا» والتّقدير ما فعلوه ، استثنى قليلا ، فهو على أصل الاستثناء ، غير أن الاختيار في الاستثناء إذا كان منفيا وكان ما بعد «إلّا» من جنس ما قبله الرّفع على البدل ، كقولك : ما في الدّار أحد إلا زيد ، وما فعلوه إلا قليل ، وإذا كان ما بعد «إلا» ليس من جنس ما قبله اختير له النّصب ، كقولك : ما فى الدار أحد إلا حمارا. (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى)(١).
٢٤ ـ وقوله تعالى : (كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ) [٧٣].
قرأ ابن كثير وحفص ، عن عاصم (تَكُنْ) بالتاء لتأنيث المودة.
(١) رأى الفرّاء هذا فى الجنى الدّانى : ٤٧٧ ، قال : «وسادسها : أنّ الناصب «إن» المكسورة المخففة مركبا منها ومن «لا» «إلّا» حكاه السيرافيّ أيضا عن الفرّاء».
__________________
(١) سورة اللّيل : الآيتان : ١٩ ، ٢٠.