ظاهرة التّشيّع عند ابن خالويه. وهل كان شيعيا؟!
الذي يقرأ كلام ابن خالويه يلمس فيه نزعة التّشيّع ظاهرة ليست بالخفية ، كما يلمس فيها أيضا دفاعه عن السّنة وأهلها ، ومحبّته لأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم جميعا والتّرضي عنهم ، وعدم إظهار السّخط على أحد منهم ، وذكر مناقبهم ، والغضب لهم.
وتكلّم كثير من العلماء ـ رحمهمالله ـ في مذهب ابن خالويه فمنهم من ينسبه إلى السّنة وأهلها ويقول : هو شافعىّ المذهب (١) صحيح الانتماء إليه ، ومنهم من ينسبه إلى الشيعة وطوائفها ، ويقول هو شيعىّ إمامىّ «عالم بمذهبهم» (٢).
وأنا فى هذا المبحث لا أريد الدّفاع عنه بقدر ما أنزله منزلته الصّحيحة ، ناقلا كلام أهل العلم ، مصغيا إلى ما يقوله هو عن نفسه أولا ، ثم تحليل ذلك وموازنته مع ما نسبه إليه العلماء مع معرفة الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة بابن خالويه فى حياته العامّة وبيئته الخاصّة التى عاش فيها ، وظروف حياته التى جعلته متنقلا بين البلدان ، والتأثير النّفسي على حياة ابن خالويه التى جعلته مترددا فى أفكاره وآرائه بين مذهبى أهل السّنة والرّافضة ، كما كان مترددا فى آرائه النّحوية بين البصريين والكوفيين.
ونزعة التّشيّع عند ابن خالويه أدركها بعض القدماء فحكموا عليه بأنه شيعىّ ، وظهر لأغلب العلماء من خلال ثقافته وسلوكه ومنهجه العلمى ـ فى غالبه ـ أنه سنّى شافعى المذهب (٣).
فأبدأ أولا بإبراز ظاهرة التّشيّع التى يلمسها القارىء لآثاره ، ثم أذكر بعذ ذلك
__________________
(١) بغية الوعاة : ١ / ٥٢٩. ويراجع طبقات الشافعية للأستوى : ١ / ٤٧٥ ، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى : ٣ / ٣٥٦.
(٢) لسان الميزان : ٦ / ٢٦٣.
(٣) بغية الوعاة : ١ / ٥٢٩.