وتركه بالإرادة (ج ، ت ، ٢٢١ ، ١٥)
ـ المعتزلة : والقدرة متقدّمة للمقدور ، غير موجبة ، صالحة للضدّين. النجاريّة والأشعريّة : العكس. وعن قوم منهم الورّاق وابن الراوندي : مقارنة ، صالحا للضدّين. لنا : لو قارنت لما تعلّق الفعل بالفاعل ، ولما احتاج الفعل إليها ، إذ حال الوجود حال استغنى ، ولو أوجبت لزم ألّا يتعلّق الفعل بالقادر بل بفاعل القدرة ، فتبطل قادريّة الواحد منا ، ولزم ألّا يكون الكافر قادرا على الإيمان وهو مكلّف به. ولو لم يصلح للضدّين لجوّزنا أن يقدر على حركة يمنه دون يسره ، ولا مانع ، والضرورة تدفعه (م ، ق ، ٩٧ ، ١٦)
ـ قلنا : بل محال أن تتعلّق القدرة بالموجود ، وإنّما تتعلّق بالمعدوم لتحصيله ، لأنّ المقدور ، لو كان حاصلا حين تعلّق القدرة لتحصيله لأغناه ذلك عن تعلّق القدرة به. قالوا : تعلّقت القدرة بالحجارة للعمارة ، والحجارة موجودة؟ قلنا : الحجارة من جملة آلة العمارة ، فتعلّق القدرة بالعمارة إنّما كان حال عدمها بواسطة الآلة. قالوا : العمارة هي نفس الحجارة ، وإنّما كانت كامنة في نفسها؟ قلنا : هذا هو المحال ، لأنّ كون الشيء كامنا في نفسه لا يعقل (ق ، س ، ٦٧ ، ٥)
ـ العدليّة : والقدرة غير موجبة للمقدور خلافا للجبريّة. لنا : ثبوت الاختيار للفاعل المختار ضرورة والإيجاب ينافيه ، وهي متقدّمة على الفعل. الأشعريّة : بل مقارنة (ق ، س ، ١٠٥ ، ١٥)
ـ العدليّة : والله تعالى خلق للعباد قدرة يوجدون بها أفعالهم على حسب دواعيهم وإرادتهم. الأشعريّة : خلق لهم قدرة لا يوجدون بها فعلا. قلنا : فلا فائدة إذن فيها ، ولنا : ما مرّ وما نذكره الآن إن شاء الله تعالى. الصوفية والجهميّة : لم يخلق لهم قدرة البتّة. قلنا : إما أن يكون الله تعالى قادرا على أن يخلق لهم قدرة يحدثون بها أفعالهم أو غير قادر ، ليس الثاني ، لأنّ الله تعالى (عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة : ٢٠). وإن كان الأوّل فقد فعل بشهادة ضرورة العقل وصريح القرآن حيث يقول : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) (فصلت : ٤٦) وشهادة كل عاقل عليهم (ق ، س ، ١٠٦ ، ٣)
قدرة الأفعال
ـ قوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران : ٩٧) ، ومعلوم أنّه لا سبيل إلى حقيقة الأفعال حتى يجد الزاد والرّاحلة ، ولو كان لا يجب إلّا بوجود حقيقة القدرة قدرة لا فعل لم يكن ليلزم أحدا ذلك ؛ إذ قدرة الأفعال هي التي تحدث على حدوث الأوقات ، والحج غير واجب حتى ترد هي ، وهي لا ترد إلّا بقطع الأسفار ، فيكون له التخلّف إذ هو غير واجب. وكذلك أمر الجهاد ؛ إذ لو علم أنّ الذي معه من قوة الأسباب لا يبلغه لم يعرض عليه الخروج ، ومعلوم أنّ قوة العقل بعد البلوغ ليست معه للحال ، وقد لزمه فرضه حيث عيّر من قعد. وكذلك نجد القيام والصيام ونحو ذلك يكون له الخروج من ذلك بالبدل ، وإن كان قدرة حقيقة الفعل قد توجد بالجهد ، ثبت أنّ فرض الأشياء ليس بها ، ولكن بالأحوال. وعلى ذلك جميع العبادات ، من يعلم أن ليس معه السبب ما يتم به الصلاة أو الصيام أو الحج لم يكلّف ابتداء ذلك (م ، ح ، ٢٥٩ ، ٤)