تصحّ إضافته إلى الفاعل. وأمّا حلوله في المحلّ فحكمه حكم صفات الذات وغيرها من حيث أنّه لا يحلّ محلّا مع جواز حلوله في غيره بل لا يجوز. وكان لا يجوز أن يحلّ إلّا فيه. وإنّما يقال في الفاعل أنّه يصحّ منه إيجاد الحركات وغيرها في المحال أجمع من حيث أنّ الذي يقدر عليه لا ينحصر ، وكما يصحّ منه إيجاد الفعل في هذا المحل يصحّ فيما سواه من المحال لا إنّ عين الموجود في هذا المحلّ تصحّ في غيره من المحال (ق ، ت ١ ، ٣٦٩ ، ١٤)
ـ الواجبات تنقسم إلى ضربين. أحدهما متى فات أداؤه في وقته لم يجب فيه الاستئناف باستئناف المقدّمة ، وهذا إنّما يصحّ فيما يختصّ كونه مصلحة في حال دون حال. ومنها ما إذا فات فلا بدّ من استئنافه باستئناف مقدّماته ؛ لأنّ ما له يجب ألا يختلف حاله بالأوقات (ق ، غ ١١ ، ٤٢٤ ، ١٢)
ـ لو ثبت أنّ الواجبات إنّما تكون واجبة بإيجاب الموجب على الحقيقة ، لم يكن يجب أن لا يعرف وجوبه من يجهل الموجب ، ألا ترى أنّا قد نعلم القادر قادرا وإن لم نعلم أنّ له قدرة ، وإن لم يجب كونه قادرا إلّا بها (ق ، غ ١٢ ، ٢٧٤ ، ١)
ـ إنّ العوض في الفعل الشاقّ ، في الشاهد ، هو الذي يخرجه عن كونه ظلما ، ولو خرج عن كونه كذلك لغير بدل لحسن. ولهذا قد يحسن إذا كان له فيه سرور ، وإن لم يكن هناك بدل ، متى فعل ذلك لنفسه أو لمن يمسّه أمره. وليس كذلك حال الواجبات ، لأنّه ليس وجه وجوبها الثواب ، لما بيّناه ، وإنّما تجب لوجوه تقع عليها. فمتى علمها كذلك ، لزمته ووجبت عليه سواء علم الثواب أو لم يعلم (ق ، غ ١٢ ، ٢٨٧ ، ١)
ـ قد استدلّ الشيخ أبو علي ، رحمهالله ، على ذلك بأنّ الواجبات قد ثبت أنّه يستحقّ المكلّف بها الثواب وبتركها العقاب ، وإذا كان عارفا بالله وصفاته وحكمته وبالثواب والعقاب وغير ذلك. وقد علمت ، أنّ الذي لأجله استحقّ ذلك بها هو أنّه فعلها على الوجه الذي وجب عليه ، لا لسائر ما ذكرناه من معرفته بأحوالها. لأنّه مع علمه بأحوالها ، لو لم يفعلها على الوجه الذي ذكرناه ، لما استحقّ ذلك ؛ وإذا هو فعلها على هذا الوجه ، استحقّ ذلك. فعلم أنّ استحقاقه للثواب هو لأجل ما عنده يستحقّ ، ولولاه كان لا يستحقّ دون سائر ما ذكرناه. فيجب إذا فعل الواجب ، وإن لم يحصل له العلم بما ذكرناه ، أن يستحقّ به الثواب ، لأنّ العلّة حاصلة. وقد استدلّ رحمهالله أيضا على ذلك بأنّه لو لم يستحقّ بترك النظر العقاب ، ولم تكن عليه في أن لا يفعله مضرّة ، لوجب أن يكون تعالى بتقرير ذلك في عقله مبيحا له ؛ فكان يجب أن يكون غير واجب ، لأنّه لا يثبت وجوبه مع كون تركه مباحا (ق ، غ ١٢ ، ٤٤٧ ، ١٦)
ـ إنّ الواجبات على ضربين : أحدهما يحدث لصفة تخصّه ، وينقسم إلى قسمين : أحدهما : الصفة المقتضية لوجوبه ؛ ترجع إليه نحو ردّ الوديعة والإنصاف وشكر النعمة ؛ والآخر يرجع إلى ما ينبغي به ، وهو ما يجب لأنّه ترك لقبيح معيّن. وذلك فيه يحلّ محلّ صفة تخصّه. والواجبات العقليّة على هذا النحو يجري أكثرها. والثاني : يجب لكونه لطفا ؛ فهو وإن وجب لصفة تخصّه ، فلا بدّ من اعتبار صفته