النظر. لأنّ جميع ذلك ، كالنظر الأول في وجوبه ولزومه ؛ فيجب أن يكون كالنظر الأول فيما يستحقّ به من ثواب وبتركه من عقاب (ق ، غ ١٢ ، ٤٥٠ ، ٢)
ـ إنّ كلّ جزء من النظر قائم بنفسه في أنّه مما يبتدئه المكلّف فعلا ، ولا يتعلّق وجوده بوجود ما يقدّم إلّا من حيث كان فرعا عليه. لأنّه قد يصحّ أن يطيع في النظر في العدل أو في النظر في النبوّات. فصار النظر في النبوات لا تعلّق له بالنظر في التوحيد والعدل ، ولا يتعلّق وجوده بوجود ما لا يبتدئ فعلا ، ويقع بالدواعي والاختيار ، فهو منفصل عنه على كل وجه. فإذا صحّ ذلك وجب ، كما اعتبر ما يستحقّ به من الثواب في حال إيجاده له لا في حال النظر الأوّل ، أن يعتبر عقابه في تلك الحال ، فيستحقّه إذا لم يفعله في ذلك الوقت ، ولا يستحقّه في حال النظر الأوّل (ق ، غ ١٢ ، ٤٨٤ ، ٥)
ـ إنّ النظر لا يجب لنفسه ، وإنّما يجب وصلة إلى المعرفة ، وصحّ أنّ المعرفة لا بدّ من أن يعتبر فيها ما يعلم بها متى لم يعلم بهذا النظر ما له من مصلحة لم يلزمه ذلك ؛ لأنّه لو صحّ أن يلزمه العلم بما لا يتعلّق بمصالحه لم يكن بعض ذلك بأن يلزمه أولى من بعض (ق ، غ ١٥ ، ٧٨ ، ١٣)
ـ إنّ النظر إنّما يجب للخوف من الضرر ، وإنّ هذا طريق وجوبه لا غير. وإذا صحّ ذلك فتقرّر في العقل أنّ المكلّف ، إذا تمكّن من دفع ضرر معيّن بيسير من الفعل ، لم يحسن ، في عقله ، أن يدفعه بما هو أكثر منه. ولهذه الجملة قلنا : إنّ الفاسق لا يجوز أن تلزمه النوافل بدلا من التوبة ، وإن نقصت من عقابه ؛ لأنّها لا تنقص ولا تزيل إلّا إذا كثرت ، والتوبة تزيل الكل. فقلنا إنّ التوبة بالوجوب أولى (ق ، غ ١٥ ، ٨٩ ، ١٣)
ـ إنّ النظر لا يجوز أن يكون مولّدا للعلم بالمشاهدات. ولا يجوز أن يكون فتح الجفن مولّدا له كما قدّره لوجوه : أحدها : أنّه ليس بأن يكون متولّدا عن فتح الجفن ، أولى من أن يكون متولّدا عن صحّة الحاسّة ، وأولى من أن يكون متولّدا عن وجود المدرك. فكان يجب أن يكون مسبب واحد متولّدا عن أسباب ، ويجب على هذا أن يكون فعل واحد بين فاعلين ، لأنّه لا يمتنع في هذه الأسباب ما يوجد من فعل الله تعالى ، كصحّة الحاسّة وكوجود المرئي ، ومنها ما يكون من فعل العباد (ن ، م ، ٣٠٦ ، ٢٠)
ـ كان أبو هاشم يذهب إلى أنّ النظر كلّه حسن. وأنّه لا يقبح منه شيء. وكان يقول في العلم مثل ذلك (ن ، م ، ٣١٦ ، ١٤)
ـ أمّا حسن النظر ، فإنّما يعلم من حيث يعلم أنّه يوصل به إلى منفعة ، وأنّه متعرّ عن سائر وجوه القبح. ويعلم أيضا حسنه بأن يعلم أنّه يتحرّز به عن الضّرر ، لأنّ ما يتحرّز به عن النظر لا يكون إلّا واجبا ، والوجوب متضمّن الحسن. فإذا علم ذلك ، فقد علم حسنه على طريق الجملة باضطرار (ن ، م ، ٣٤٦ ، ٦)
ـ النظر في اصطلاح الموحّدين ، هو الفكر الذي يطلب به من قام به علما أو غلبة ظنّ. ثم ينقسم النظر قسمين : إلى الصحيح ، وإلى الفاسد ؛ والصحيح منه كان ما يؤدّي إلى العثور على الوجه الذي منه يدلّ الدليل ؛ والفاسد ما عداه. ثم قد يفسد النظر بحيده عن سنن الدليل أصلا ، وقد يفسد مع استناده للسداد أو لا لطروء قاطع (ج ، ش ، ٢٥ ، ٤)