مفردات
ـ المفردات من العالم نوعان : أحدهما مفرد في ذاته ينتفي الانقسام عنه. والثاني مفرد في الجنس دون الذات (ب ، أ ، ٣٥ ، ٨)
مفسدة
ـ المفسدة : هي ما عنده يختار المكلّف المعصية ، والإخلال بالطاعة ، ولولاه لكان لا يختارها. وهي تنقسم إلى أقسام ثلاثة : فما يكون فعل المكلّف ـ لو وقع ـ فالواجب أن لا يفعله تعالى وإلّا قبح التكليف. وما يكون من فعل المكلّف ، فإنّما يجب عليه تعالى أن يمكنه من أن لا يفعله ، ويعرفه حالها إذا كان الوجه في كونه مفسدة أن تقع باختياره ، فأمّا إذا كان المعلوم أنّه يكون مفسدة على كل حال ، فلا بدّ من أن يمنعه تعالى منها إذا كان المعلوم أنّه بالمنع يمتنع ، فأمّا إن علم من حاله أنّه يمتنع بلا منع ، فليس ذلك بواجب ، لأنّ الغرض ألّا يقع باختياره ، أو يمنع المانع له. فإذا كان من فعل غير المكلّف والمكلّف ، فلا بدّ من أن يكون المعلوم أنّه لا يفعله ، أو يمنعه تعالى منه. ولذلك قلنا إنّه تعالى لو علم من حال بعض العباد أنّه إذا علم المعجز الذي هو القرآن ، سافر به إلى حيث لم تبلغه الدعوة ، وادّعاه معجزا لنفسه ، واستفسد به العباد ، أنّه يجب أن يمنعه تعالى من ذلك. وإن كان المعلوم أنّه لا يستفسد لم يجب المنع. فأمّا العبد إذا أضلّ غيره بالدعاء إلى الضلال ، فإنّما لم يجب المنع منه ، لأنّه قد كلّف الامتناع من ذلك ، فامتناعه باختياره ولا مصلحة له. ولأنّ لولاه لكان لا يفسد ابتداء أو بغير ذلك ، ولهذا قال شيخنا أبو علي ، رحمهالله : إنّه تعالى لو علم من حال إبليس أنّه عند دعائه يضلّ العباد على وجه لولاه لكان لا يضلّ ، لمنعه من ذلك الإضلال! (ق ، م ٢ ، ٧٢٣ ، ١٥)
ـ تكلّم (عبد الجبّار) في الفصل بين ما يعدّ تمكينا وبين ما يعدّ مفسدة ، فقال إنّ الذي يعدّ مفسدة هو أن يتقدّم له التمكين من الشيء وخلافه ، وقد علم أنّه يختار ما يفسده عند أمر من الأمور فذلك هو بصفة المفسدة. وعلى ذلك نقول إنّ إدلاء الحبل إلى الغريق وهو متمكّن من تخليص نفسه ومن إهلاكها بغير هذا الوجه ، فإذا علم أنّه يختار إتلافها عند ذلك جعل مفسدة. وبهذا يفارق التمكين ، وذلك أن لا يكون قد تقدّم له القدرة على الأمرين ، وبهذا الحبل يتمكّن منهما ، فما هذا سبيله يعدّ تمكينا (ق ، ت ٢ ، ٣٩٦ ، ١٢)
ـ إن قيل : هلّا قلتم : إنّ كل أمر وجد عنده القبيح فهو استفساد فيه ، فلا يصحّ أن تقولوا في تكليف من يعلم أنّه يكفر إنّه ليس باستفساد. قيل له : إنّه لا معتبر بالعبارات فيما يحسن له الشيء ويقبح ، ويجب الاعتماد فيه على المعاني. وقد بيّنا الفصل بين الأمرين من حيث المعنى ، فلا يقدح في ذلك الاشتراك بينهما في الاسم ، وإن كنّا قد بيّنا أن ما لأجله يسمّى الشيء مفسدة أنّ عنده يختار الفساد على وجه لولاه كان يختار الصلاح عليه ، وذلك يقتضي أنّه إنّما سمّي بذلك ؛ لأنّه كالداعي إلى ما يقدر عليه وعلى غيره ، فهو بمنزلة الإغراء بالقبيح والتزيين له ، والترغيب فيه ، وليس كذلك حال التمكين ؛ لأنّه لولاه لاستحال منه الفساد والصلاح ، فكيف يقال : إنّ ما به يتمكّن من مصلحته ومفسدته يكون لطفا. ولو جاز فيما هذا حاله أن يقال : إنّه لطف واستفساد لجاز في