غيره ، وهذا شرك وكفر ، قالوا وإن كانت هو هي وكنّا لا نعلمها فقد صرنا لا نعلم الله عزوجل ، وهذا إقرار بأنّنا نجهله والجهل بالله تعالى كفر به ، وقالوا لو أمكن أن تكون له مائيّة لكانت له كيفيّة (ح ، ف ٢ ، ١٧٤ ، ٧)
ـ مائيّة الشيء إنّما هي الجواب في سؤال السائل بما هو ، وهذا سؤال عن حقيقة الشيء وذاته ، فمن أبطل المائيّة فقد أبطل حقيقة الشيء المسئول عنه بما هو ، لكنّ أوّل مراتب الإثبات فيما بيننا هي الإنيّة ، وهي إثبات وجود الشيء فقط ، وهذا أمر قد علمناه وأحطنا به ، ولا يتبعّض العلم بذلك فيعلم بعضه ويجهل بعضه ، ثم يتلوا الإنيّة التي هي جواب السائل بهل فيما بيننا السؤال بما هو ، وأمّا في الباري تعالى فالسؤال بما هو ، هو السؤال بهل هو ، والجواب في كليهما واحد فنقول ، هو حق واحد أوّل خالق لا يشبهه شيء من خلقه وإنّما اختلفت الإنيّة والمائية في غير الله تعالى لاختلاف الأعراض في المسئول عنه ، وليس الله تعالى كذلك ولا هو حامل أعراضا أصلا ، هاهنا تقف ولا نعلم أكثر ، ولا هاهنا أيضا شيء غير هذا إلّا ما علّمنا ربّنا تعالى من سائر أسمائه كالعليم والقدير والمؤمن والمهيمن وسائر أسمائه ، وقد أخبر تعالى على لسان نبيّه صلىاللهعليهوسلم أنّ له تسعة وتسعين اسما (ح ، ف ٢ ، ١٧٤ ، ١٣)
مائية المكلّف
ـ دللنا على أنّ الحيّ القادر هو هذا الشخص ، وأبطلنا قول من قال : إنّه معنى فيه أو معنى مدبّر له وإن لم يكن فيه ، أو هو الشخص ومعنى فيه. وهذا القدر كاف في الوجه الذي قصدناه ؛ لأنّا رمنا بذلك بيان مائيّة المكلّف (ق ، غ ١١ ، ٣٥٩ ، ١)
مالك
ـ لم يصحّ أن يوصف تعالى في الحقيقة بأنّه يملك أفعال العباد ، لأنّه ليس بقادر عليها ، لكن شيوخنا رحمهمالله يحملون الإطلاق في ذلك إذا صحّ عن المسلمين على أنّ المراد به أنّه يملك المنع منها وإعدامها والإقدار عليها. فلمّا كان جلّ وعزّ هو المالك لما لوجوده يوجد ، ولما لعدمه يعدم ، جاز أن يقال إنّه مالكها ، كما يقال إنّه يملك السماء والأرض مع وجودهما ، والمراد به أنّه يملك إعدامهما وتصريفهما من حال إلى حال بالجمع والتفريق ، فلا يمتنع ذلك عندنا أن يقال إنّه مالك لكل شيء على هذا الوجه. ولا بدّ للخصم من أن يتأوّل ذلك ، لأنّ عنده أنّه لا يملك قلب الأعيان (ق ، غ ٨ ، ٢٩٣ ، ٤)
ـ ولما قدّمناه في حدّ الرزق قلنا : إنّه تعالى لا يوصف بأنّه مرزوق ، وإنّ الشيء رزق له ، لاستحالة الانتفاع عليه ، وإنّما يوصف بذلك من يصحّ أن ينتفع. ولذلك صحّ أن يوصف تعالى بأنّه مالك لمّا لم يقتض ذلك صحّة الانتفاع بالشيء على الحدّ الذي اقتضاه الرزق ، ولذلك قد يوصف ما لا يملكه الإنسان بأنّه رزقه إذا أبيح له تناوله والانتفاع به ، وإن كان قبل التناول غير مالك له ؛ كالأمور المباحة ، وكبذل الطعام للغير ، إلى ما شاكله (ق ، غ ١١ ، ٢٨ ، ٧)
ـ قد بيّنا من قبل أنّ الملك هو القدرة ، وأنّ المالك هو القادر ، فكلّ من قدر على شيء ولم يكن لأحد منعه منه على الوجه الذي يقتضي