بالطبع. وكذلك
يقول في التحريكة بعد الاعتماد. لأنّه يذهب في التولّد ، مذهب أصحاب الطبائع.
لكنّه ، فيما يقع من القادر ، يخالف طريقتهم ، لأنّه يقول : إنّما يقع بالطبع عند
الحوادث والدواعي ، فيرجع في ذلك إلى حال للجملة نعتبرها. وليس كذلك طريقة أصحاب
الطبائع (ق ، غ ١٢ ، ٣١٦ ، ١٠)
ـ قد بيّنا في باب
الاستطاعة أنّ من حق القادر أن يتقدّم كونه فاعلا ، وذلك يبطل هذا القول لأنّه (لو)
وجب من حيث كان قادرا أن يكون فاعلا لوجب ذلك في كل حال وكل فاعل ، كما أنّه لما
وجب من حيث كان قادرا أن يكون حيّا استمرّ ، ولما وجب في العلم من حيث كان علما ،
أن يوجب كونه عالما استمرّ. وقد بيّنا أيضا جواز فناء القدرة في حال الفعل ، وذلك
يصحّح أنّه كما قد يكون قادرا ولا يكون فاعلا ، فقد يكون فاعلا ، ولا يكون قادرا ،
وأنّ كونه فاعلا كالمنفصل من كونه قادرا ، وإن كان لا بدّ من تقدّم كونه قادرا (ق
، غ ١٤ ، ٢٠٧ ، ١٩)
ـ إنّ صحّة الفعل
أو وجوبه ، ترجع إلى القادر دون القدرة ، وإنّما تأثيرها أن يصير بها قادرا ، فلو
وجب فيها ألا يخلو من المقدور ، لوجب في القادر ، وقد بيّنا فساد ذلك (ق ، غ ١٤ ،
٢١٠ ، ٨)
ـ الذي كان يقوله
شيخنا أبو علي رحمهالله ، أنّ القادر منّا لا يخلو من أن يفعل الشيء أو ضدّه ، إذا
حصلت شروط : منها أن يكون ذلك مبتدأ ومباشرا. ومنها أن يكون القادر مع كونه قادرا
في الحال ، يستمرّ كونه قادرا. ومنها ألا يحصل في الثاني منع أو ما يجري مجراه. فمتى
حصل كل ذلك وجب ألا يخلو من الفعل أو ضدّه (ق ، غ ١٤ ، ٢١٠ ، ١٧)
ـ اعلم أنّ للقادر
أحوالا ثلاثة ؛ أحدها : أن يفعل للداعي. والثاني : أن يترك الفعل له. والثالث : ألا
يفعل الفعل لأجله. وكل ذلك إنّما يجب في العالم المميّز القاصد ، لأنّ الفعل قد
يقع من القادر مع فقد الداعي ، فلو لا صحّة ذلك ، لما صحّ الفعل من الساهي والنائم
، ولما صحّ أن يقع من القادر ما لا يخطر له على بال. وقد بيّنا في غير موضع من
الكتاب ، أنّ الفعل لو لم يصحّ وقوعه من القادر إلّا بداع ، لبطل تعلّق صحّته
بكونه قادرا ، فأمّا إذا كان عالما ، فإنّه مؤثر لفعل على فعل ، فلا بدّ من داع ،
ولسنا نعني بذلك ، قادرا يدعوه إلى الفعل ، لأنّ ذلك لو وجب لأدّى إلى ما لا نهاية
له ، إن دعا القادر فعل من الأفعال ، وإنّما نعني ما لأجله يختار الفعل ويؤثّره (ق
، غ ١٤ ، ٣٨١ ، ٩)
ـ إن كون القادر
قادرا ، لمّا لم يقتض إلّا صحة الفعل ، لم يكن الدالّ عليه ، عقلا ، إلّا ذلك ؛
ولمّا كان كونه حيّا يصحّح كونه قادرا وعالما ومدركا ، إلى غير ذلك ، لم يمتنع ،
في كل واحد من هذه الأحوال ، أن يدلّ على كونه حيّا (ق ، غ ١٥ ، ١٥٥ ، ٢٢)
ـ إنّ من حق
القادر أن يصحّ الفعل منه. فمن حقّه أن يجب وقوع فعله بحسب دواعيه ، ويفارق في ذلك
غيره. فإذا صحّ ذلك لم يمتنع أن يدلّ ما ذكرناه على حاجته إليه ، كما لا يمتنع أن
تدلّ صحّته منه على كونه قادرا عليه. يبيّن ذلك أنّ القادر ينفصل بذلك من الأمور
الموجبة ، كالعلل وغيرها. ولا بدّ من أن يشترط في دلالة فعله ما به يتميّز حال
القادر من غيره. ولذلك قلنا : إنّ من قال بالقدرة الموجبة لا يمكنه تثبيت القادر
وتثبيت حال الفعل إلى الفاعل.