ويجب ما يصحّ دون ما يتعذّر ويستحيل. فإذا صحّ أن نعلم كل معلوم وكانت الصفة للذات وجب أن نعلمه ، وإذا لم يصحّ في كل مقدور أن يقدر عليه لم يجب وصفه بذلك ، وليس يمكننا أن نقول : فإمّا أن يقدر عليه أحدنا لصحّة حدوثه ، وهذا لا يختصّ ، فتجب صحّة أن يقدر تعالى عليه. وإذا صحّ وجب. وذلك لأنّه إنّما صحّ حدوثه لكونه قادرا لا أنّه كان قادرا لصحّة حدوثه فقد عكسوا القضية ، ألا ترى أنّه لو لم يتصوّر وجود قادر من القادرين لما صحّ وصف شيء من الأشياء بصحّة حدوثه؟ وبهذا يفارق المعلوم لأنّه إنّما يصحّ أن يعلم لما هو عليه حتى لو لم يكن في الدنيا عالم لم يخرج عن الصفة التي يصحّ أن يعلم عليها (ق ، ت ١ ، ٣٨١ ، ٤)
ـ إذا علمنا أولا الحكم ، وهو يرجع إلى الجملة أو المحل ، قضينا في الصفة بمثل ذلك. إذ لو لم تكن الصفة كذلك لما وجب في الحكم ذلك ، وعلى هذا قلنا في المقتضى والمقتضي ، وإن كانا صفتين لما كان أحدهما حكما للآخر أنه يجب أن يرجع أحدهما إلى ما يرجع إليه الآخر ، حتى إذا كان المقتضى يرجع إلى الآحاد والأفراد وجب مثله في المقتضي ، كما نقول في التحيّز وكون الجوهر جوهرا. وإن كان المقتضي يرجع إلى الجملة وجب في المقتضى أن يكون كذلك ، كما نقول في كون الذات مدركا مع كونه حيّا. وليس كذلك الصفة التي صدرت عن العلّة ، فإنّها صفة ثانية ، والصفة يجوز أن تكون لا عن شيء كصفة الذات ؛ ويجوز أن تكون عن صفة ، كما نقول في المقتضي ، ويجوز أن تكون لعلّة ، ويجوز أن تكون لفاعل ، كالوجود ، فيعتبر في ذلك الدلالة. وقد ثبت بالدلالة على أنّ هذه الصفات التي نقول إنّها صفات صادرة عن العلل ، فالمؤثّر فيها أمر يرجع إلى غير الموصوف ، وهو العلل (ن ، د ، ٤٨٩ ، ١٢)
صفة فعل
ـ قال (الكعبي) : ما احتمل إختلاف الحال والشّخص فهو صفة الفعل نحو القول : " يرزق فلانا" ، " ويرحم في حال ولا يرحم في حال" ، وكذلك الكلام ، ومثله في الأشخاص ، ومثله في القدرة والعلم والحياة لا يحتمل ، فهو صفة الذات. وقال : كل ما يقع عليه القدرة فهو صفة الفعل ، نحو الرحمة والكلام ، وما لا يقع عليه فهو صفة الذات ، نحو أن لا يقال أيقدر أن يعلم أو لا؟ ثم يسأل عن صفة الذات : أنّه لم لا يجب الوصف بضدّه؟ قال : لأنّه يرجع إلى ذاته ، وذاته غير مختلف ، وذلك يوجب الاختلاف. ثم قال : وإذا كان ذاته غير مختلف لم يجز الاختلاف ما بقيت نفسه ، كالشيء الذي يجب لعلّة يدوم بدوامها (م ، ح ، ٥٠ ، ١)
ـ حكى الكعبيّ عنه (بشر) أنّه قال : إرادة الله تعالى فعل من أفعاله ، وهي على وجهين : صفة ذات ، وصفة فعل .... وأمّا صفة الفعل فإن أراد بها فعل نفسه في حال إحداثه فهي خلقه له ، وهي قبل الخلق لأنّ ما به يكون الشيء لا يجوز أن يكون معه. وإن أراد بها فعل عباده فهي الأمر به (ش ، م ١ ، ٦٤ ، ١٧)
ـ يوصف بأنّه مالك ، أي قادر ، فهو صفة ذات. البلخيّ : بل صفة فعل. لنا : مالك يوم الدين ، وهو معدوم. والرب صفة ذات ، أي مالك (م ، ق ، ٨٩ ، ١٧)