ـ شرط وجود الحياة وجود الروح والغذاء. ولذلك جاز أن يوصف الله تعالى بالحياة ولا يجوز أن يوصف بالروح (أ ، م ، ٢٥٧ ، ١٣)
ـ إذ قد عرفت أنّ الحياة من النعم ، فالذي يدلّ على أنّها أوّل نعمة أنعم الله تعالى بها علينا ، هو أنّ سائر المنافع يترتّب على الحياة ، إمّا في وجودها ، أو في صحة الانتفاع بها ، فيجب أن تكون أوّل نعمة (ق ، ش ، ٨٤ ، ١٤)
ـ إنّما نحيل وجود الحياة إلّا مع بنية مخصوصة لأمر يرجع إلى المجاورات التي توجد البنية معها ، لا لأنّ التأليف يجب أن يقع على وجه مخصوص ليصحّ وجوده الحياة معه ، ولا لأنّ التأليف لا يصحّ وجوده إلّا مع مجاورات مخصوصة ، بل يصحّ وجوده مع جميعها. وإن كان من حق الحياة ألّا توجد فيه إلّا وقد تجاورت الجواهر ، ضربا مخصوصا من التجاور ، وبنيت بنية مخصوصة (ق ، غ ٧ ، ٣٣ ، ١٦)
ـ إنّ الحيّ هو الجسم والروح جميعا : قد حكينا عن بشر بن المعتمر هذا القول. وعن هشام بن عمرو أنّه كان يجعل كل عرض لا يكون الإنسان إنسانا إلّا بها من أحد قسمي الإنسان ، وقد حكي عن بعضهم أنّ الروح هي الحياة ، وعن بعضهم خلاف ذلك. وحكي عن أبي الهذيل ـ رحمهالله ـ في الحياة أنّها يجوز أن تكون عرضا ، ويجوز أن تكون جسما (ق ، غ ١١ ، ٣٣٥ ، ١٢)
ـ اعلم أنّ الذي يدخل في جملة الحيّ هو ما حلّه الحياة دون غيره. ولذلك قلنا : إنّ الشعر والعظم والدم ليست من جملة الحيّ ، من حيث علم من حالها أنّ الحياة لا تحلّها ؛ وإنّما تعلم التفرقة بين ما تحلّه الحياة وبين ما لا تحلّه بالإدراك ؛ لأنّ الحياة ؛ إذا كان لا بدّ من أن تختصّ لجنسها بحكم تبيّن به من غيرها من الأعراض ، وكان لا حكم بفعل لها تبيّن به إلّا صحّة الإدراك بها ، فيجب أن نحكم في كل محل صحّ أن ندرك به الحرارة والبرودة والألم أن فيه حياة ، ونقضي على كل محلّ لا يتأتّى ذلك به أنّه لا حياة فيه ، وإنّما جعلنا علامة وجود الحياة في المحلّ هذا دون سائر الإدراكات لأنّها تحتاج إلى بنية مخصوصة كالرؤية والسمع وإدراك الرائحة والطعم ، فلا يمتنع في ذلك الإدراك إذا انتفى أن يقال : إنّما انتفى لانتفاء البنية لا لانتفاء الحياة ، وليس كذلك إدراك الحرارة والألم ؛ لأنّه لا يحتاج فيهما إلّا إلى محلّ الحياة ؛ فوجب لذلك أن يحكم بثبوت الحياة عند صحّتهما وبانتفائه عند انتفائهما. وإذا صحّ ذلك وعلمنا أنّ الروح هو النفس المتردّد وأنّه لا يدرك به كما لا يدرك بالشعر فيجب أن يحكم بأنّه لا حياة فيها على وجه من الوجوه ، وإذا لم يكن فيه حياة لم يصحّ أن يعدّ من جملة الحيّ ؛ كما لا يصحّ أن يعدّ من جملة الحيّ ما يلتزق بجسمه من الأجسام (ق ، غ ١١ ، ٣٣٥ ، ١٨)
ـ أمّا قول الشيخ أبي الهذيل ـ رحمهالله ـ في الحياة : إنّها يجوز أن تكون عرضا ، ويجوز أن تكون جسما ، فالمراد عندنا أنّه ذهب إلى أن الحيّ لا يكون حيّا إلّا بعرض يحلّه وبروح تحصل فيه ، وسمّاهما جميعا حياة. ولهذا قال : إنّ الحياة يجوز أن تكون عرضا ، ويجوز أن تكون جسما ، وهذا خلاف في عبارة ؛ لأنّ الروح عبارة عن النفس المتردّد في مخارق الإنسان ، ولذلك وصفها الله ـ تعالى ـ بالنفث والنفخ ، وذلك من صفات الأجسام الدقيقة ،